الجهر بها في جميع الحالات ، فيلزم التأسّي بهم عليهمالسلام في ذلك ، كما يلزم في سائر الأوقات.
أقول : لا يخفى على الناقد البصير أنّ هذه الوجوه لا تدلّ على المدّعى ، ولا ينبّئك مثل خبير.
أمّا إجمالاً ؛ فلمجيء الوجوب في كلامهم كثيراً بالمعنى اللغوي ، الذي هو أعمّ من الحكم الشرعي الاصطلاحي ، وهو مطلق الثبوت تارةً ، ومراداً به تأكّد الاستحباب أُخرى ، في مواضع متعدّدة ، وأماكن متبدّدة ، كما لا يخفى على مَنْ جاس خلال ديار آثارهم ، واقتفى أثر أخبارهم ، والسبر والوجدان شاهدا عدلٍ لذوي الأذهان ؛ ولقيام القرائن القويّة الصارفة لهذه الأخبار عن الإيجاب ، كالشهرة المحقّقة ، والإجماعات الكثيرة المنقولة إنْ لم تكن محصّلة ـ ، وفهم محقّقي الأصحاب ، وصحيح الأخوين عبيد الله بن علي ، ومحمّد بن علي الحلبيين ، الذي رواه شيخ الطائفة في التهذيبين بطريقين عن أبي عبد الله الصادق بلا مَيْنٍ ، أنّهما سألا عمّن يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم حين يريد أنْ يقرأ فاتحة الكتاب ، فقال : « نعم ، إنْ شاء سرّاً وإنْ شاء جهراً » (١). ولو كان واجباً لما خيّر عليهالسلام بين الأمرين ، كما لا يخفى على ذي قلب خالٍ من الرين.
وحمل الألفاظ على حقائقها عند الإطلاق إنّما هو مع التجرّد عن القرينة الصارفة عنها ، أمّا معها فلا ، كما لا يخفى على مَنْ له في الصناعة أدنى خَلَاق.
هذا ، ويمكن أنْ يقال : إنّ مناط التخيير هو التقيّة وعدمها ، فلا ينافي الوجوب ، إلّا إنّه بعيد من حاقّ اللفظ وسياقه ، وخلاف المتبادر من وضعه وإطلاقه.
وأمّا تفصيلاً : فأمّا عن خبر سُليم بن قيس :
فأمّا على نسخة الإلزام فأوّلاً : بما مرّ من الكلام.
__________________
(١) التهذيب ٢ : ٦٨ / ٢٤٩ ، الإستبصار ١ : ٣١٢ / ١١٦١ ، الوسائل ٦ : ٦١ ، أبواب القراءة في الصلاة ، ب ١٢ ، ح ٢.