وثانياً بحمله على الوجوب التخييري ، الراجع إلى كونه أفضل الفردين ، أو على المعنى اللغوي أو تأكّد الاستحباب ، كما سمعته في سابقه ، فيزول الارتياب من البين.
وأمّا عن مرسل ( الأزهار ) فبحمله على مَنْ ينكره بالكلّيّة من الأشرار ، فيفيد النهي عن الاقتداء بمخالفي الأئمّة الأبرار ، ولهذا قرنه بما هو من ضروريّات مذهب أُولئك الأخيار. وقد تقدّم أنّ منكره بالكلّيّة خارج عن رِبْقَةِ (١) الفرقة المحقّة الإماميّة ، فيخرج عن محلّ النزاع ، وينكشف القناع.
وأمّا عن صحيحَيْ زرارة : فأوّلاً بأنّ المراد بـ ( ينبغي ) هنا الوجوب خاصّة ، لا مطلق الرجحان ، وكثرة استعمالها فيه لا ينافي حملها على الوجوب بدليل آخر في هذا المكان.
وثانياً بأنّ مقتضى الأدلّة في البسملة خصوص الاستحباب ، لا القدر المشترك ، فتخرج المسألة حينئذٍ عن ذلك العنوان.
وثالثاً بلزوم تمشية الحكم المذكور إلى كلّ ما يترجّح فيه الجهر كالقنوت ، والإقامة ، والأذان ، ولا قائل به من الأعيان ، واللازم باطلٌ ، فالملزوم مثله في البطلان ، ووجه الملازمة غنيّ عن البيان.
ورابعاً بانصراف ظاهرهما إلى خصوص القراءة الواجبة في الأُوليات ، لأنّها الفرد الشائع المنصرف إليه الإطلاق ، المتبادر من السياق ، لا كلّ ما يجهر فيه أو يخفى حيث كان.
فأوّلاً بعدم الملازمة العرفيّة فضلاً عن العقليّة أو الشرعيّة بين الوجوب وعدم التقيّة ، إذ من القريب كون النفي من الأُمور التعبّديّة والأحكام الخارجيّة ، لا صفة تابعة لذات اللابديّة ، وحكماً ناشئاً من اللوازم الوجوبيّة ، كما لا يخفى على من أعمل عامل
__________________
(١) الرِّبْقة في الأصل : عُروة في حَبْلٍ تُجعل في عُنق البهيمة أو يدها تُمسكها ، فاستعارها للإسلام ، يعني ما يَشدّ المسلم به نفسه من عُرى الإسلام ، أي حدوده وأحكامه وأوامره ونواهيه. لسان العرب ٥ : ١٢٣ ربق.