ويستدعيه للزيارة. والحال أنه من قريبٍ قد زاره ، فأَوَّلها المرحومُ رحمهالله بالمجاورةِ الطويلة. فلهذا أوصى بأنه يدفن بجنب قبره ، تغمَّدهما الله برحمته ورضوانه.
واتفق له قدّس سرِّه ، ونوِّر قلبُه عند الدفن من الكرامات ما تواتر نقلُه عن الثقات. فقبره الآن مزارٌ مشهورٌ ، وكعبةٌ تطوف الخلقُ عندها وتدور ، وملجأٌ يلجئون إليه النّاس ؛ لإجابة دعواتهم ؛ وإنجاح طلباتهم. ولقد أجاد من قال فيه من أهل الكمال (١) :
ليهنِك يا قبرُ مَنْ ذا حويتَ |
|
حويتَ العلومَ وعرفانَها |
حويتَ الهُدى والتقى والندى |
|
بمَن فاقَ بالسبقِ أقْرَانها |
حويت خليفة آل الرسول |
|
فطلت بعلياه كيوانَها (٢) |
واتّفق له أيضاً ما لم يتَّفق لغيره من العلماء الأعلام ، بل ولا الملوك والحكّام الذين يجبرون الناس ولا سيما في مثل هذا المقام ، أن سوق البحرين على اختلاف مللها وأديانها ، عطِّلت وغلِّقت سبعة أيام عن البيع والشراء وجميع المهام ، ونُصِبَت له المآتمُ في كلِّ مكان ، وقاموا فيها بنشر شعار المراثي والأحزان.
أُقيمت عليه من المآتم في القطيف والبحرين خاصة دون غيرهما من البلدان ، كالأنجة والمحمَّرة والبصرة والنجف والأشرف ما يقارب من مائة وخمسين مأتماً ،
__________________
(١) القائل هو العلامة المرحوم آية الله الشيخ علي ابن الحاج حسن الجشّي. ولد رحمهالله في حدود السبعين بعد المائتين والألف من أبوين كريمين ، ونشأ محباً للعلم والعمل. وكان مطبوعاً على حبِّ أهل البيت عليهمالسلام ، تجد ذلك ملموساً في شعره ، الذي عبَّر فيه عن عمق الولاء للأئمة عليهمالسلام.
بقي في النجف الأشرف إلى سنة (١٣٦٧) ، وبعد أن حصل على شهادات الاجتهاد نزل بلاده ( القطيف ) لأداء واجبه ، فتقلَّد منصب القضاء ، فحكم بالعدل والإحسان ، إلى أن وافاه الأجل في مستشفى الظهران في آخر نهار ١٥ / ٥ / ١٣٧٦ هـ. ورُثي بعدة قصائد.
من مؤلفاته : ( منظومة كفاية الأصول ) ، ( الشواهد المنبريَّة ) ، ديوان شعر كبير يقع في جزأين. انظر ترجمته في الأزهار الأرجية ٦ : ١٠٩ ، ١٥ : ٣١٥.
(٢) أنوار البدرين : ٢٦٨ ، وستأتي في الصفحة : ٥٣.