الجهر أفضل الفردين الواجبين ، ولهذا حمل شهيد ( الذكرى ) (١) عبارات الموجبين على هذا المعنى المستبين ، وحمله بعض المحقّقين على الجهر في الأُوليين.
وفيه : أنّ المعلوم من كلمات السادة الميامين ، وعبارات أصحابهم المتقدّمين ، هو اتّحاد الأُوليين والأخيرتين بالنسبة إلى البسملة في الوجوب والندب ، في الإيجاب والسلب الكلّيّين.
وأمّا الفرق بينهما بالجزئيّين فلم يظهر إلّا من بعض المتأخّرين ، كما يشهد به التتبّع الصادق من السالك الحاذق.
والجواب عن الثالث : أوّلاً بانقطاع الشغل بالإطلاقات المتكاثرة ، بل العمومات المتضافرة ، والشهرة المحقّقة من الفرقة المحقّة المحقِّقة ، فتوًى وروايةً وعملاً ، قديماً وحديثاً ، على وجه يبرئ الذمّة يقيناً ، كما هو مقتضى قولهم الزاهر : « خذ ما اشتهر بين أصحابك ودع الشاذّ النادر » (٢) ، مضافاً إلى الإجماعات الكثيرة المنقولة إنْ لم تكن محصّلةً ، بل لا يبعد تحصيل الإجماع من الأشراف على ما هو الحقّ من طرق الانكشاف.
وثانياً بما قيل من أنّ مقتضاها حينئذٍ ليس مجرّد التزام الجهر ؛ للدوران بين الشرطيّة والمانعيّة ، فلازمها حينئذ ؛ إمّا التكرار للصلاة ، أو للبسملة خاصّة ، أو اختيار التسبيح على بعض الوجوه ، أو التخيير على الوجه الآخر ، كما سيأتي إنْ شاء الله تعالى.
وفيه : أنّ مبناه على الاعتداد بالقول بالتحريم ، وقوّة الشبهة في طرف التلزيم ، والاحتياط إنّما يتبع الشبهة قوّةً وضعفاً ، ولا ريب مع قطع النظر عن قوّة دليل الاستحباب ، وقصره على النسبة بين التحريم والتلزيم في قوّة الوجوب دون التحريم.
__________________
(١) الذكرى : ١٩١.
(٢) غوالي اللئلئ ٤ : ١٣٣ / ٢٢٩.