قلنا : أمّا الأوّل فقد مرّ عليك الجواب عنه مجملاً ، وسيأتي الجواب عنه أيضاً في المبحث السادس مفصّلاً.
وأمّا الثاني فتعرف الجواب عنه أيضاً ممّا مرّ مراراً متعدّدة في مواضع متعدّدة ، إلّا أنّا نزيده هنا إيضاحاً ، ونفصح عنه إفصاحاً ، ليتّضح الحقّ صراحاً ، فنقول :
الجواب عنه : أمّا بالنقض بوجهين :
الأوّل : أنّه يلزم مثله في جهر المنفرد بالأُوليين ، لما علم من منع ابن الجنيد منه ، فلم يكن فراغ الذمّة بالجهر فيهما يقينيّاً. والجواب الجواب ، إجماليّاً وتفصيليّاً.
الثاني : أنّه رحمهالله كما جعل الاحتياط في الإخفات جعل غيره الاحتياط في الجهر ، فكما لا يقين بالإجهار كذا لائقين بالإسرار ، لصيرورة المسألة حينئذٍ من باب دوران الشيء المشكوك فيه بين الشرطيّة والمانعيّة ، فلا يكفي فيه الاحتياط بالإخفات فقط ، بل ؛ إمّا أن يحكم بالتخيير بين الجهر والإخفات ، بمعنى الصلاة بأحدهما لا بقيد الخصوصيّة ، كما لعلّه ظاهر الأكثر ، أو بتكرارها مرّتين كما صرّح به شيخنا المرتضى قدسسره في ( فرائد الأُصول ) (١) في الوجه الأخير بعد التخيير ، أو بتكرار البسملة خاصّة ، كما ذكره شيخنا وأستاذنا المبرّء من الشين الشيخ محمّد حسين الكاظمي منبعاً ، والنجفي موضعاً ، وسيأتي وجههما في المبحث السادس.
وأمّا بالحلّ في ما سيأتي إنْ شاء الله في المبحث السادس أيضاً مفصّلاً.
وأمّا قوله : ( لأنّه لا خلاف بين أصحابنا بل بين المسلمين في صحّة صلاة من لا يجهر بالبسملة في الركعتين الأخيرتين ).
ففيه من الغرابة ما لا يخفى على أديب ، ومَنْ حاز من المعرفة أوفر نصيب ، لما عرفت من أنّ ابن البرّاج (٢) وأبا الصلاح (٣) وجماعةً أوجبوا الجهر بها في ما يخافت فيه مطلقاً ، فتكون البسملة عندهم من المواضع الجهريّة ، وهم قد حكموا ببطلان
__________________
(١) فرائد الأُصول ٢ : ٥٠٢ ـ ٥٠٣.
(٢) المهذّب ١ : ٩٧.
(٣) الكافي ( أبو الصلاح ) ضمن سلسلة الينابيع الفقهيّة ٣ : ٢٦٣.