وفي ردّ الدعوى الثانية : ( إنّا لم نروه مسنداً ، والذي رواه مرسلاً المرتضى ، والشيخ أبو جعفر ، وآحاد ممّن جاء بعده ، والخبر المرسل لا يعمل به ، وكتب الحديث عن الأئمّة خالية عنه أصلاً. وأمّا المخالفون فلم أعرف به عاملاً سوى ما يُحكى عن ابن حيّ ، وهو زيديّ منقطع المذهب ، وما رأيت أعجب ممّن يدّعي إجماع المخالف والمؤالف في ما لا يوجد إلّا نادراً ) (١). انتهى.
وبمثل هذا جرى قلم ثالث المحقّقين في ( المعالم ) قائلاً : ( إنّ الخبر غير مرويّ في كتب الأخبار ، بل هو من الأحاديث المرسلة ، التي لا تعويل عليها ، ودعواه الإجماع على العمل بمضمونه من المخالف والمؤالف عجيبة ) انتهى.
ومنها : دعواه الإجماع (٢) على منع قتل المسلم المعتاد لقتل أهل الذمّة بالذمي ، بعد ردّ فاضل ديته ، محتجّاً بالإجماع على عدم قتل المسلم بالكافر. مع أنّ الشهيد الأوّل قال في شرح الإرشاد بعد نقله الإجماع عن المرتضى قدسسره ما لفظه : ( والحقّ أنّ هذه المسألة إجماعيّة ، فإنّه لم يخالف فيها أحد سوى ابن إدريس ، وقد سبقه الإجماع ، ولو كان هذا الخلاف مؤثّراً في كلّ الإجماع لم يوجد إجماع أصلاً ، والإجماع على عدم قتل المسلم بالكافر يختصّ بغير المعتاد ). انتهى كلامه ، زِيد إكرامه.
إلى غير ذلك من الإجماعات التي لا يلتئم لها شتات ، وذلك لأنّ الظاهر من طريقته في نقل الإجماع البناء على المقدّمات النظريّة والاجتهادات الحدسيّة ، فإنّ الظاهر منه أنّما اعتمد في إخباره بإجماع العلماء على وجوب إخراج الفطرة عن الناشز والصغيرة على تدوينهم الروايات الدالّة على وجوب فطرة الزوجة معلّقاً الحكم على الزوجة ، من حيث هي زوجة ، من غير نظر إلى تعليقه على العيلولة ، أو وجوب الإنفاق.
وفي الإجماع على عدم قتل المسلم المعتاد لقتل أهل الذمّة على الإجماع على
__________________
(١) المعتبر ١ : ٥٢ ـ ٥٣.
(٢) السرائر ٣ : ٣٥٢.