مأخوذ من قولهم : أجمع على كذا ، إذا عزم عليه ، فلا يدخل في الإجماع على الحكم إلّا مَنْ علم منه القصد إليه ، كما إنّا لا نعلم مذهب عشرة من الفقهاء الذين لم ينقل مذهبهم لدلالة عموم القرآن وإنْ كانوا قائلين به ) انتهى ، وهو كلام متين ، بل جوهر ثمين.
والحاصل : أنّ من تتبّع إجماعات ابن إدريس وجدها من هذا القبيل ؛ لاستناده في كشف الإجماع عن قول المعصوم إلى الملازمات غير المعلومة اللزوم ، والمقدّمات النظريّة ، والاجتهادات الحدسيّة ، الذي لا يخفى خطأ كثير منها على ذي رويّة ، وإذا كان هذا حاله في نقل الإجماعات ، كيف يركن إلى إجماعاته المدّعاة بغير شاهدٍ قويّ ، ودليل جليّ؟! ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ.
وأمّا قوله : ( فمن ادّعى استحباب الجهر في بعضها وهو البسملة فعليه الدليل ).
ففيه : أنّ ما دلّ على الإخفات في الأُوليين دلّ عليه في الأخيرتين ؛ لعدم المصحّح أو المرجّح للتخصيص بأحد الموضعين.
وأمّا قوله : ( فإنْ قيل : عموم الندب باستحباب الجهر بالبسملة ، قلنا : ذلك في ما تتعيّن وتتحتّم فيه القراءة ).
ففيه : ما مرّ من عدم مدخليّة التعيين للتخصيص والترجيح ، فترجيحه الأوليين وتخصيصهما ترجيح لأحد المتساويين بلا مرجّح ، وتخصيص للعامّ بلا مخصّص ، وكلاهما من البطلان بمكان ، كما يحكم به الوجدان ومستقيم الأذهان ؛ لما شاع وذاع ، وملأ الأسماع ، وطبق الأصقاع والبقاع ، من أنّ جمّا غفيراً من أصحاب الأئمّة عليهمالسلام ومنهم الأربعة آلاف من أصحاب الصادق عليهالسلام ، غير سائر الأئمّة عليهمالسلام ، كانوا ملازمين لهم عليهمالسلام في مدّة تزيد على ثلاثمائة سنة ، وكانت همّتهم وهمّة أصحابهم إظهار شعائر الدين ، وترويج شريعة سيّد المرسلين ، وكانوا يكتبون كلّ ما يسمعونه من أئمّتهم في دفاترهم ، خوفاً من آفة النسيان ، وحرصاً على ما يرشح من تيّار أُولئك الأعيان.
وكانوا عليهمالسلام يحثّونهم على سلوك تلك المسالك ، وترويج تلك المدارك ، فلو وجد