المبحث الرابع
في الاستدلال على القول الرابع
وقد استدلّ له بعض الفضلاء بما يقرب من استدلال ابن إدريس ، وهو أنّ البسملة جزءٌ من السورة التي يجب الإخفات بها في الإخفاتيّة ، فيجب الإخفات بها ، خرج من ذلك الإمام بالنصّ والإجماع ، فيبقى الباقي (١).
وإليه يرجع ما شاع في تقريره على لسان الأكثر حتى من بعض مشايخنا الغرر ، من أنّ الأصل وجوب الإخفات بها في محلّه ؛ لأنّها بعض الفاتحة ، خرج الإمام ، فيبقى ما عداه على الأصل ، أو فيبقى المنفرد للاختلاف في قراءة المأموم.
أقول : لا يخفى على موفّقٍ مصيبٍ ، ومَنْ ظفر من العناية بأوفر نصيب ، ما يتوجّه على التقرير وأصل الدعوى من المنع والتثريب.
أمّا التقرير ؛ فلعدم انطباقه على ما نقلوه عن ابن الجنيد ، من قوله بعدم وجوب الجهر والإخفات في مواضعهما ، وأنّه لو جهر بالقراءة في ما يخافت بها أو خافت في ما يجهر بها جاز ، كما مرّ نقله عن كتابه ( الأحمدي ) (٢). ولم ينقل خلافه عنه ، ولم يناقشوا في صحّة النسبة إليه ، كما ناقش بعض المتأخرين في نسبة ذلك للسيّد المرتضى وإنْ كان ما ناقش به غير المرتضى.
فالمناسب في التقرير لهذا المنهج أنْ يقال : الأصل استحباب الإخفات بها في محلّه خرج ما خرج ، اللهمَّ إلّا أنْ يريدوا الوجوب الشرطي المجامع للوجه الندبي ، إلّا أنّه خلاف ظاهر هذا القائل.
__________________
(١) مدارك الأحكام ٣ : ٣٦٠ بالمعنى ، نقلاً عن ابن الجنيد.
(٢) المختلف ٢ : ١٥٥.