وأثاث البيت.
فلما سكن ما بالناس ، وأمنوا بعض الأمن ، سافر هو رحمهالله بنفسه إلى البحرين ؛ لاستنقاذ ما يحصل من كتبه بشراءٍ وغيره ، فأقام بها أيّاماً قليلةً ، واستنقذ ما تمكّن منه ، ورجع إلى القطيف ؛ إذ كان فيها أولادُه وعياله ، ولعدم استقرار أهل البحرين ؛ من وقوع تلك الواقعة ، وتفرقهم في كل ناحية. فأقام في القطيف مواظباً على الطاعات ، ملازماً للواجبات والمندوبات ، والتدريس والجماعات ، فأقبل عليه أهلُ تلك الديار ، وصار مرجعاً في الإيراد والإصدار.
وكان من عناية الله تعالى به ، وتوفيقه له أنَّ العالم الفاضل الأوّاه الشيخ ضيف الله (١) ابن المقدس الشيخ سليمان بن سيف قد كتب إلى العلامة الأمين ، الشيخ محمد حسين الكاظمي قدسسره المتقدّم ذكره بعض المسائل ، وكان أكثر أهل القطيف مقلِّديه ، وقد سمع بنزول شيخنا الصالح المذكور تغمده الله بالحبور عندهم ، فكتب إلى المرحوم الشيخ ضيف الله أن يرجع في أجوبة المسائل ، وما يحتاج إليه من الأحكام والدلائل إلى شيخنا المذكور ، وأنّه أهلٌ ومحلٌّ. فصار المذكور وغيرهُ من أهل تلك الدِّيار ، يرجعون إليه في الموارد والمصادر ، وانعقدت عليه الخناصر ، وأقرَّ بفضله كلُّ معاصر. فصنّف وألّف ، وقرّط الأسماع وشنّف (٢) ، كما سنذكره إن شاء الله تعالى في تعداد مصنّفاته.
ولقد ربّى كثيراً من الطلبة والأيتام ، وأنعم عليهم بإرشاده وعلمه غاية الإنعام ، ومنهم : العبدُ الفقيرُ الجاني ، علي ابن المقدس الشيخ حسن آل الشيخ سليمان البحراني مؤلِّف هذه الترجمة فإنّه رحمهالله كفلني وربّاني ، وقرّبني وآواني ، وقدَّمني على
__________________
(١) ت (١٢٩٦) هـ. عالم فاضل ، تقي ورع متعفف. له بعض الأجوبة على بعض المسائل. أنوار البدرين : ٣٣٥.
(٢) شنّف كلامه وقرَّطه : حلّاه. وهو من المجاز. أساس البلاغة : ٢٤٣.