لأعقلَ لهم؟.
وإنْ كانت عقولُهم لم تزل فيهم إلّا أنّها مغلوبةٌ مقهورةٌ لدى شهوات أنفسهم ، لا مدخليّة لها في شيءٍ من أفعالهم ، فما الفائدةُ في وجودِ شيءٍ لا نفعَ فيه؟ وهل يُسمّى صاحبُهُ عاقلاً أم جاهلاً؟.
ثمّ ما منشأ دهاء الدّهاة مثل معاوية وعمرو بن العاص وأشياخهما وأمثالهم الأرجاس بإصابة الرأي المطابق للأمر الواقع قبل وقوعه ، هل هي بلاسةٌ شيطانيةٌ محضيَّة لا سبيلَ للعقل فيها بالكليّة ، أم للعقل في ذلك مدخليّة؟.
وهل إنّ عقلَ ذوي الإيمان على مراتبهم في الإيمان؟ وهل هو يقتضي الزيادة والنقصان ، أم هو والإيمان سيّان في كلّ إنسان؟ ) انتهى كلامُه بألفاظه ، زيد في إكرامه وإيقاظه.
الجواب ومنه سبحانه استمداد الصواب ـ : اعلم علّمك اللهُ الخيرَ وأذهب عنك الضّير أنّ العقل في اللّغة بمعنى الفَهْم والعلم ، وبمعنى الشّدّ والإمساك ، ومنه عقالُ البعير ؛ لأنّه يمسكه عن الفرار ، وعقلُ الإنسان أيضاً ؛ لأنّه يُمسكه عن المضارّ (١). كما في ( البحار ) عن النبيّ صلىاللهعليهوآله « إنّ العقل عقالٌ من الجهل ، والنفسُ مثل أخبث الدوابّ ، فإنْ لم تُعقلْ سارت ، فالعقلُ عقالٌ من الجهل » (٢). انتهى.
وفي الاصطلاح يطلقُ على معانٍ كثيرة بحسب اختلافِ أهل الاصطلاح :
وهو أوّل وجود النفس والولادة الإنسانية ، باعتبار أنّ فيها قوّة لقبول العلوم والكمالات النفسيّة ، نسبةً للهيولى بعلاقة المشابهة الخالية من الصور الفعليّة. والهيولى لغةٌ يونانية معناها : المادّة بلا صورة (٣) ، كالطّينة قبل تخطيطها وتصويرها
__________________
(١) لسان العرب ٩ : ٣٢٦.
(٢) لسان العرب ٩ : ٣٢٦.
(٣) التعريفات : ١١٣.