يُجعل قسماً من سابقه بجعله أكملَ الفردين ، ويختلفُ باختلاف الأفراد في القوّة والاستعداد.
وهي المحصِّلة للعلم والعمل المنجيين ، فإنْ وافقت القوانينَ الشرعيّة والإرادات الإلهيّة سُمّي بعقل المعاش والمعاد ، وهو ممدوح في الأخبار ، وهو المرادُ في قوله : « العقلُ ما عُبد به الرّحمنُ » (١) ، وهذا مغايرٌ للرّشد الذي هو المعنى الرابع بنوعٍ من الاعتبار.
وإنْ استُعملت في الأُمور الباطلة والحيل العاطلة المخالِفة للمرادات الإلهية والموافِقة للنفس الشيطانيّة ، سمّيت في اصطلاحِ أهل الشرع : بالنكراء ، والشيطنة ، والدّهاء ، كما في معاوية وابن العاص ، وغيرِهما من الأشقياء. ولذا قال أميرُ المؤمنين وسيّد الوصيين : « لولا التّقى لكنتُ أدهى العرب » (٢) ؛ لارتباط جميع حركاته وسكناته بمراضي الله وإنْ اختلّ بها أمرُ دنياه ، قال تعالى ( وَما تَشاؤُنَ إِلّا أَنْ يَشاءَ اللهُ ) (٣). ومرجعها إلى جودة الرواية وسرعة التفطّن في استنباطِ ما ينبغي أنْ يُرتكبَ ويُتجنّب.
ولا يسمّى عقلاً عند أهل الشرع ؛ لعدم صفائه وعدمِ عبادة الله به عند العوامّ وأهل الفسوق والآثام ؛ لأنّها شبيهةٌ بالعقل لما فيها من الحداقة والنظر ، بخلاف العلماء الأعلام من أهل الحقّ والصدق والإيمان ، ولذا ورد عنهم عليهمالسلام : « العقلُ ما عُبد به الرّحمنُ ، واكتُسِبَ به الجنان » (٤).
وهو قوّة للنفس ، بها تكتسب النظريات بما فيها من الشعاع السابق ، مع حصول الأوّليات أي البديهيّات في خزانتها ، فتكتسبُ الثواني أي النظريّات إذا لم
__________________
(١) الكافي ١ : ١١ / ٣ ، معاني الأخبار ٢٣٩ ٢٤٠ / ١ ، الوسائل ١٥ : ٢٠٥ ، أبواب جهاد النفس ، ب ٨ ، ح ٣ ، البحار ١ : ١١٦ / ٨. وفي جميعها : قلتُ له ما العقل؟ قال : « ما عُبِدَ به الرحمن .. ».
(٢) غرر الحكم ودرر الكلم : ٧٣٧ / ٢٩.
(٣) الإنسان : ٣٠.
(٤) انظر هامش ١ من نفس الصفحة.