فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ ) (١) بعد قيام البرهان الساطع.
قال تعالى ( وَأَمّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى ) (٢).
وقال ( وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ ) (٣) ، أي : طريق الحقّ والرشاد ، وطريق البغي والفساد.
وقال ( وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها ) (٤).
وقال ( فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها ) (٥). إلى غير ذلك من الآيات ، وبمعناها كثير من الروايات.
وأمّا قولُهُ : ( وما ثمرةُ عقولِ أولئك الكفّار والفجّار ).
فالجواب : أنّ الثمرة قيامُ الحجّة الظاهرة النيّرة القاطعة لأعذار أُولئك الكفرة الفجرة ، قال الله تعالى ( قُلْ فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ ) (٦). وقال تعالى ( وَلَلدّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ ) (٧). إلى غير ذلك من الآيات المقرعة لأُولئك البغاة بمخالفة العقول في تلك المُدْرَكات.
وفي وصيّة الكاظم عليهالسلام لهشام بن الحكم : « إنّ اللهَ عزوجل أكملَ للنّاسِ الحججَ بالعقول (٨). وفيها أيضاً « إنّ لله على النّاسِ حجّتين : حجّة ظاهرة ، وحجّة باطنة ؛ فأمّا الظاهرةُ فالأنبياءُ والرسل والأئمة ، وأمّا الباطنةُ فالعقول » (٩). ومثلُها غيرُها من الأخبار ، فاعتبروا يا أولي الأبصار.
وأمّا قولُه : ( حيث إنّ العقلَ ما عُبِدَ به الرّحمن ) .. إلى آخره.
فالجوابُ : أنّ المرادَ بالعقلِ هنا القوّةُ النظريّة ، وقد يعبّر عنها بالعقل النظري والعملي ، وبالعلمي والعمَلي ؛ وهي نفس العلم النافع المورث للنجاة الأُخرويّة
__________________
(١) الكهف : ٢٩. (٢) فصّلت : ١٧.
(٣) البلد : ١٠.
(٤) السجدة : ١٣.
(٥) الشمس : ٨.
(٦) الأنعام : ١٤٩.
(٧) الأنعام : ١٤٩.
(٨) تُحف العقول : ٣٨٤ ، البحار ١ : ١٣٢ / ٣٠.
(٩) تُحف العقول : ٣٨٤ ، البحار ١ : ١٣٢ / ٣٠.