ومَن يلغِ أعقابَ الأُمورِ فإنّه |
|
حريٌّ بهَلْكٍ آجلٍ أو مُعاجلِ |
والفراسةُ وإنْ لم تختصّ بأولياء الله ، بل قد تكون في بعض أعداء الله ، إلّا أنّ هنا فرقاً بيّناً بين الفراستين وبوناً عظيماً بين التوسّمين ، فإنّ فراسة المؤمن لازمةُ الإصابة إلّا أنْ يشاء اللهُ تعالى ؛ لأنّها غريزةٌ يوقعها اللهُ تعالى في قلوبِ أوليائِهِ ، لصفاءِ قوابِلها وكمالِ استعدادِها ، ولكونها لازمةَ الإصابة أمرَ باتّقائها معلّلاً بأنّه : « ينظرُ بنورِ الله ».
وأمّا فراسةُ أعداءِ الله فإنّما تصدر عن أسبابٍ ظاهريّة وتجارب دنيويّة ، وقد تخطئ أكثرَ ممّا تصيب ، ولو أصابت فإنّها من باب المقارنة الاتّفاقية للأقضية الرّبّانيّة ، واللهُ العالم.
وأمّا قولُه ـ سلّمه اللهُ تعالى ـ : ( وهل أنّ عقل ذوي الإيمان على مراتبهم في الإيمان؟ ).
فالجواب : أنّ الأمر بالعكس ، بمعنى أنّ مراتبهم في الإيمان بحسب مراتبهم في العقل الذي يُعبدُ به الرّحمنُ ، ويُكتسبُ به الجنان ، كما قال الكاظم عليهالسلام ، في حديث هشام بن الحكم ، المرويّ في ( أُصول الكافي ) وغيره : « وأعلمُهُم بأمرِ اللهِ أحسنُهُم عقلاً ، وأعقلُهُم وأرفعُهُم درجةً في الدنيا والآخرة » (١).
وفي ( البحار ) نقلاً عن أمالي الشيخ الطوسي رحمهالله ، بإسناده عن زرّ بن أنس ، قال : سمعتُ جعفر بن محمد عليهالسلام يقول : « لا يكونُ المؤمنُ مؤمناً حتى يكونَ كاملَ العقل » (٢).
وفيه ـ أيضاً ـ نقلاً عن ( العيون ) (٣) ، بإسناده إلى علي الأشعري ؛ قال : قال رسولُ الله صلىاللهعليهوآله : « ما عُبد اللهُ بمثلِ العقل » (٤).
__________________
(١) الكافي ١ : ١٦ / ١٢ ، وفيه : ( وأكملهم عقلاً أرفعهم درجةً .. ).
(٢) البحار ١ : ١٠٩ / ٥ ، أمالي الطوسي : ١٥٣ / ٢٥٣.
(٣) ما وجدناه في البحار نقلاً عن العلل ، ولعلّ لفظ ( العيون ) من سهو القلم.
(٤) البحار ١ : ١٠٩ / ٦ ، علل الشرائع ١ : ١٤١ / ١١.