تبصرة
[ في تغسيل الجنب ليلا لأجل الصوم ]
قد عرفت أنّ حرمة الأمور المذكورة على الجنب ـ من الصلاة والصيام والمسّ والمكث في المساجد وغيرها ـ تكون قاضية بكون استباحة كلّ منها غاية للغسل ، فيجب لكلّ من الأفعال المذكورة عند وجوبه ويندب له عند استحبابه.
وهناك اشكال معروف في وجوبه في الليل لأجل الصوم مع عدم تحقق وجوب الصوم فيه.
ودفعه بعضهم بأنّ التغسيل (١) ممّا يتوقف عليه الواجب وقضيّة ما دلّ على وجوب المقدمة لا يختصّ بما إذا وجب فيها ، بل يعمّ ما إذا علم أو ظنّ وجوبه في وقته ، سيّما مع تضيقه ، فإنّه لا مانع إذن من وجوب المقدمة وإن لم يجب المغيّى بعد.
قلت : وفيه نظر ظاهر ؛ إذ القول بوجوب المقدمة مع عدم وجوب ذيها ممّا يقطع بفساده لتبعيّة وجوب المقدمة لوجوب ذيها ومطلوبيّتها لمطلوبيّته ، فكيف يتصوّر وجوبها مع عدم وجوبه ، مع انتفاء النصّ عليه بالخصوص.
فإن قلت : إنّ وجوب الشيء في محلّه قاض بوجوب توطين النفس على امتثاله ، وهو إنّما يكون بالاتيان بمقدماته.
وأيضا طلب الشيء في وقت معيّن مع عدم إمكان حصوله فيه إلّا بتقديم مقدمته دليل عرفا بل عقلا على إيجاب مقدمته قبله ؛ لتحصيل مطلوب الأمر. ويجري نحوه في الموسع أيضا ؛ لتعلّق التكليف به في أوّل الوقت وإن لم يتعيّن عليه.
__________________
(١) في ( د ) : « الغسل » ، وفي ( ألف ) : « التفصيل ».