والأقوى هو الأول ، ويدلّ عليه ـ مضافا إلى الإجماع المحكي والشهرة المعلومة والمنقولة ـ رواية السكوني « بطلب الماء في السفر وإن كانت الحزونة فغلوة وإن كانت سهولة فغلوتين لا يطلب أكثر من ذلك ».
وما في صحيحة زرارة من الأمر « بطلب المسافر الماء ما دام في الوقت ، فإذا خاف أن يفوته الوقت فليتيمم وليصل » إما أن يحمل على صورة رجاء حصول الماء والظن به كما سيجيء ، أو على الاستحباب ، أو يقال بأن الأمر بالطلب فيها مطلق ، وقوله « ما دام في الوقت » ظرف لوقوع الطلب ، فلا يفيد الاستحباب ، فالمقصود أن الطلب إنما يكون مع السعة دون ضيق الوقت. وحينئذ فيحمل على رواية السكوني حملا للمطلق على المقيّد.
وقد عرف بذلك ضعف الأقوال المذكورة.
[ تنبيهات ]
وهاهنا امور ينبغي الإشارة إليها :
أحدها : الظاهر اعتبار الطلب بالمقدار المذكور من سائر الجوانب ؛ لظاهر الإطلاق المؤيّد بفهم الجماعة والاحتياط أو بعد اشتراط صحة التيمّم بالطلب إنما يعلم فراغ الذمة بذلك.
ويحتمل أن يراد بالغلوة والغلوتين في ظاهر الرواية مجموع ما يطلب فيه الماء ، فيكون المطلوب من كل جانب نصف غلوة أو غلوة إلا أن أحدا من الأصحاب لم يفهم منها ذلك. وبه يسقط الاحتمال المذكور.
وربما يتراءى في المقام خلاف بين القائلين بالغلوة والغلوتين من اعتبار بعضهم للطلب من جميع الجوانب كما في المبسوط وغيره ، أو من أمامه واليمين والشمال كما في المقنعة ، أو عن اليمين والشمال كما في النهاية.
والظاهر اتحاد المقصود من الجميع. وكأنّ عدم ذكر الحلف في المقنعة من جهة الاطلاع عليه حال المجيء ، والمراد باليمين والشمال في الأخيرين حتى الطريق على قدر الغلوة أو