حجة القول الثالث الجمع بين الأخبار المذكورة مع إشعار معظم ما دلّ على المنع في السعة برجاء حصول الماء بعد ذلك ، فيقيّد سائر الإطلاقات بخصوص ذلك ، بل لا دلالة واضحة فيها على الجواز في غير تلك الصورة ؛ إذ ليست مسوقة لبيان ذلك.
وفيه أن مفاد تلك الروايات لزوم تأخير التيمّم مع احتمال تحصيل الماء بعد ذلك ، ولو كان بعيدا ، وهو غير رجاء الحصول ، فلا ينطبق على مقصودهم.
قلت : قوة الأخبار الدالّة على التوسعة في الجملة مع اعتضادها بما عرفت مما لا ينبغي الريب فيها ، مضافا إلى انتفاء الفائدة في التأخير مع القطع بعدم وجود الماء ، مع تفويت فضيلة أول الوقت ، وعدم وجود دليل واضح على اعتبار الضيق كذلك ، وبعد البناء على ضعف القول المذكور لا وجه لحمل الأخبار المذكورة إلا على صورة رجاء الحصول ؛ إذ القول بالتفصيل ظاهر سوى ذلك ، وإن استوجه الشهيد الثاني في الروض (١) التفصيل بين العلم وعدمه إلا أنه لم يفت به ، فيدور الأمر إذن بين القول بالتفصيل أو التوسعة المطلقة ؛ حملا لتلك الأخبار على الاستحباب.
وحينئذ فيبنى على ثبوته بمجرد الاحتمال كما هو ظاهر إطلاقها. والأول أحوط بل أقوى.
[ تنبيهات ]
وهاهنا امور ينبغي الإشارة إليها :
أحدها : ظاهر الأصحاب عدم الفرق بين كون العذر المسوغ للتيمم فقدان الماء أو سائر الأعضاء المسوغة من المرض ، ونحوه غيره ، فلا فرق بينهما على القولين.
وفي الروض (٢) : الإجماع منعقد على عدم التفصيل بالتأخير للفاقد دون المريض خائف الضرر ، بل الجواز مطلقا أو وجوب التأخير مطلقا مع الرجاء أو بدونه ، فالقول بالتفصيل
__________________
(١) انظر روض الجنان : ١٢٢.
(٢) روض الجنان : ١٢٢.