وإمّا باعتبار اتّصاله بغيره بوقوع الشكّ فيه بعد مضيِّ زمان من الإتيان بما قبله على وجه يوجب فوات الاتّصال به لو أتى به حال الشكّ ؛ لوقوع الشكّ حينئذ بعد التجاوز ، سواء كان اعتبار الاتّصال من جهة الفعل ، كما لو شكّ في الإتيان بالساكن بعد مضيّ زمان من الإتيان بالمتحرك على وجه يوجب الإتيان به الابتداء بالساكن الممتنع عقلاً ، فإنّ الشكّ حينئذ يكون بعد التجاوز. أو من جهة الشرع كالشكّ في الجزء الأخير من الوضوء بعد مضيِّ زمان يوجب الإتيان به فوات الترتيب المعتبر شرعاً في أجزاء الوضوء. أو من جهة العادة كمن اعتاد غسل الجانب الأيسر في الغسل بعد غسل الجانب الأيمن من غير فصل ، فإنّه إذا شكّ فيه بعد مضيِّ زمان يوجب الإتيان به فوات ما اعتاده من عدم فصله عمّا قبله كان شكّاً بعد التجاوز.
الثاني : أنْ يجعل نفس المشروط بالشرط المشكوك من حيث اشتراطه به ، فإذا شكّ في الساتر حال القراءة فقد شكّ في الإتيان بالقراءة الجامعة للشرط وهو الساتر وإنْ علم الإتيان بذاتها ، إلّا إنّ المعتبر القراءة المشروطة وهي مشكوك فيها ، والشكّ فيها بهذا الاعتبار وقع بعد التجاوز ، ومقتضى مفهوم الرواية عدم الالتفات إلى الشكّ.
ثم إنّ المراد بالشروط هنا ليس الشروط العقليّة بل الشرعيّة ، كالطهارة والاستقبال والستر ونحوها ، ولا ريب أنّها قيود للمأمور به وأوصاف له ، فيعتبر حينئذ مقارنتها لجميع أجزائه ، وليس المراد نفس مبادئها ، وهو أوّل إيجاد الطهارة بالإتيان بغسلتي الوضوء ومسحتيه وغسلات الغُسل ، وأوّل إيجاد الساتر بلبس الساتر ، وأوّل إيجاد الاستقبال بالتحرّك لمحاذاة القبلة ؛ ليكون الشكّ فيها في أثناء العمل شكّاً بعد التجاوز مطلقاً ، أي بالنسبة إلى الأجزاء السابقة على الشكّ والمتأخّرة عنه.
بل المراد الحالة الحاصلة من تلك المبادئ المستمرّة مع جميع أجزاء العمل ، إذ هي شرط بالنسبة إلى تمام العمل ، فهي معتبرة في جميع أجزائه. فإذا وقع الشكّ فيها في أثناء العمل فهو وإنْ كان بالنسبة إلى الأجزاء السابقة شكّاً بعد التجاوز ، إلّا إنّه بالنسبة إلى المستقبلة شكّ في المحلّ ، فيجب إحراز الشرط المشكوك فيه للأجزاء