وخلاف الواقع كثيراً ، والعقل يحكم بعدم اعتبار مثل هذا الأصل.
والحاصل : أنّ الشكوك إذا كانت نادرة الوقوع لم يجب تعلّم حكمها ، فإذا اتّفق عروضها في الأثناء فالحكم يحتمل وجهين :
الأوّل : أنْ يتمّ الصلاة عاملاً بالظنّ ، وإلّا فبالشكّ ، وإلّا فبالوهم ، ثمّ يسأل بعد الفراغ عن حكم صلاته. ووجهه دوران الأمر بين قطع الصلاة واستئنافها بالنيّة التفصيليّة المشتملة على الجزم وإتمامها بالامتثال الاحتمالي ، وقد دلّ الدليل على حرمة إبطال العمل ، غايته استلزام ذلك عدم كون الامتثال مع النيّة التفصيليّة المشتملة على الجزم ، ولا ضير إذا تعذَّر ذلك وأمكن الامتثال بالنية الاحتماليّة.
الثاني : الحكم بقطع الصلاة واستئنافها ؛ مراعاة للنيّة التفصيليّة والجزم بها ؛ لأنّ الدليل إنّما دلّ على حرمة إبطال العمل الصحيح ، والفرض عدم العلم بصحّة هذا العمل ، فلا يندرج فيما حرّم الشارع إبطاله.
ولو قيل بالتفصيل بين إمكان العدول إلى النافلة وعدمه فيعدل إليها مع الإمكان ويتمّها بعنوان الفرار عن إبطال العبادة فقط كان حسناً ، والله العالم.
الفرع الثاني : هل يجب التروّي في الشكوك الصحيحة مطلقاً ، أم لا يجب مطلقاً ، بل يبني على حكم الشكّ بمجرّد عروضه ، أم يجب إذا احتيج إليه في المضيِّ في العمل فقط؟ أقوالٌ ، وتنقيح الكلام يتمّ ببيان أصل الوجوب ومحلّه ومقداره.
أمّا أصل وجوبه فيتوقّف على تحرير محلّ النزاع فيه ، وهو مردّد بين أُمور :
الأوّل : أنْ يراد به الذي يحصل به استقرار الشكّ بمعنى عدم جواز ترتيب أحكام الشكّ على مجرّد الخطور البدْوي ، بل لا بد من التروّي بمقدارٍ يستقرّ به الشكّ.
الثاني : أن يراد به الزائد على هذا المقدار ، بمعنى أنّه بعد استقرار الشكّ أيضاً يجب التروّي ؛ ليعلم أنّ الشكّ يبقى على حاله أو يتبدّل ، وهذا على قسمين ؛ لأنّ الشكّ إمّا أنْ يكون ممّا يزول بأدنى تروٍّ وإنْ كان مستقرّاً ، بأنْ يكون الشكّ في معرض