وأنّ إضمار الجواب مع عدم الحاجة إليه خلاف الصواب ، إلّا إنّ جميع هذا خارج عن محلّ النزاع ، كما لا يخفى على ذي تأمّل واطّلاع.
وأمّا قوله : ( وإنّ الاستفهام عمّا يفعله الإمام إذا كان إماماً لا ما يفعله السائل ).
ففيه : ما مرّ مراراً من عدم تعيّنه ، بل رجحان خلافه ؛ لما عرفت من أنّ مورد الخبر أنّما هو بيان حكم المأموم ، ولا تعلّق له بحكم الإمام ، كما لا يخفى على مَنْ لاحظ سوق الكلام من ثاقبي الأفهام.
ثمّ قال ساعده ذو الجلال ـ : ( وصحيحة زرارة عن الباقر عليهالسلام ، قال : « إذا كنت خلف إمام فلا تقرأ شيئاً في الأُوليين وأنصت لقراءة الإمام ، ولا تقرأنّ شيئاً في الأخيرتين ، فإنّ الله يقول ( وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ ) يعني في الفريضة خلف الإمام ( فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) (١) ، والأخيرتان تبع للأُوليين » (٢).
فقوله عليهالسلام ( والأخيرتان تبع للأُوليين » بعد حكمه بالإنصات لقراءة الإمام في الأُوليين يعطي أنّ الأخيرتين لا جهر فيهما بشيء أبداً ، وإنّما ينصت المأموم فيهما لكونه يجب عليه الإنصات في الأُوليين ؛ لأنّهما تابعتان لهما ، وهو دفع لما عساه يتوهّم فيقال : إنّك أمرت بالإنصات في الأُوليين لاستماع قراءة الإمام ، والأخيرتان لا جهر فيهما بشيء للإمام ، فأجاب بأنّ الإنصات فيهما تابع للإنصات في الأُوليين ، لا لأنّ الإمام يجهر فيهما بشيء من قراءته وتسبيحه ، ومن هنا يُعلم ضَعْفُ تعميم الشيخ البهائي [ للحكم (٣) (٤) ]. وأنت إذا ضمّيت هذه الرواية إلى سابقتها كانتا كالنصّ في عدم الجهر في الأخيرتين للإمام قراءةً وتسبيحاً وبسملةً ، وهذا بحمد الله ظاهر ).
أقول : لا يخفى على مَنْ وعى واستعمل الإنصاف ورعى ، أنّه لا دلالة في هذا الصحيح على المدّعى :
أمّا أولاً ؛ فلأنّها كما تحتمل ما ذكره تحتمل احتمالاً مساوياً إنْ لم نقل راجحاً غيره ، وذلك بجعل قوله
فإنّ الله يقول ..
إلى آخره ، علّة لترك القراءة في الركعات
__________________
(١) الأعراف : ٢٠٤. (٢) الفقيه ١ : ٢٥٦ / ١١٦٠ ، بتفاوتٍ يسيرٍ.
(٣) من المصدر. (٤) الحبل المتين : ٢٢٨.