وروى جرير بن عبد الحميد قال : أخبرنى من كان يحرس شجرة زيد بن عليّ قال :
كنّا أربعين رجلا نحرسه فلمّا ذهب من اللّيل ثلثه أو نحوه جاء النّبيّ ـ صلىاللهعليهوآله ـ فأنزل زيدا عن الخشبة ثمّ قال : يا زيد ، قال : لبّيك بأبى وأمّى ، قال : خذلوك وقتلوك وصلبوك؟ قال : نعم ، قال : ليخذلنّهم الله وليقتّلنّهم (١) وليصلّبنّهم (٢) ، فحدّثه طويلا ثمّ سقاه ضياحا (٣) من لبن ثمّ قال : اصعد الخشبة فلمّا كانت القابلة قال لرجل من أصحابه ممّن فى الحرس (٤) : لا تنم ؛ فلم ينم حتّى كانت تلك السّاعة ، فرأى (٥) مثل ذلك ، فلما كانت الثّالثة (٦) قال لآخر : لا تنم ؛ فلم ينم ؛ فرأى مثل ذلك ؛ حتّى
__________________
(١ و ٢) انما ضبطنا الكلمتين هنا بالتشديد تبعا للقرآن المجيد فان الله تعالى نقل فى موارد فيه قول فرعون للسحرة الذين آمنوا بالتشديد فقال تعالى فى سورة الاعراف : ( لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ ) ( آية ١٢٤ ) ونظيرها آية ٧١ سورة طه وآية ٤٩ سورة الشعراء وصرحت علماء الادب والتفسير بأن التشديد فى « قطع » و « صلب » للتكثير وهو احد معانى باب التفعيل ونظيرها قوله تعالى فى آخر آية ٦١ من سورة الاحزاب : ( وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً ).
(٣) قال ابن الاثير فى النهاية : « فى حديث عمار : ان آخر شربة تشربها ضياح ؛ الضياح والضيح بالفتح اللبن الخاثر يصب فيه الماء ثم يخلط ؛ رواه يوم قتل بصفين وقد جيء بلبن ليشربه » وقال الجوهرى : « الضيح والضياح اللبن الرقيق الممزوج ».
(٤) قال الفيومى فى المصباح المنير : « حرسه يحرسه من باب قتل حفظه والاسم الحراسة فهو حارس والجمع حرس وحراس مثل خادم وخدم وخدام ، وحرس السلطان أعوانه جعل علما على الجمع لهذه الحالة المخصوصة ولا يستعمل له واحد من لفظه ولهذا نسب الى الجمع فقيل : حرسى ، ولو جعل الحرس هنا جمع حارس لقيل : حارسى ، قالوا : ولا يقال : حارسى الا اذا ذهب به الى معنى الحراسة دون الجنس ».
(٥) ح : « فرأيا » وكذا الكلمة فى تلك النسخة فى المورد الآتي.
(٦) غير ح : « فلما كان فى الثالث ».