الكعبين؟ قال : « لا ، إلّا بكفّه » (١).
وهذا بخلاف مسح الرأس ، إذ لم يرد النصّ فيه بأزيد من ثلاث أصابع وإن كان جائزا حتّى صرّح به بعض (٢) الأصحاب بالمنع من الزائد عليها.
( وتقديم النيّة عند غسل اليدين على قول (٣) مشهور لأنّه من كمال الوضوء وسننه ( أو عند المضمضة والاستنشاق ) لما ذكر ، بل هو أولى ، لقربهما إلى الواجب.
وتوقّف فيه بعض (٤) الأصحاب ، نظرا إلى أنّ مسمّى الوضوء الحقيقي خارج عنهما ، وللقطع بالصحّة إذا قارن بها غسل الوجه دونها ، ولذلك قال المصنّف : ( والأولى عند غسل الوجه ) بعد أن نسب التقديم إلى الشهرة ، لعدم دليل صالح.
وعلى القول بجواز تقديمها أو استحبابه عند غسل اليدين فهو مشروط بكون الوضوء من حدث النوم أو البول أو الغائط ، وكونه من إناء قليل ماؤه يمكن الاغتراف منه ، إذ لا يستحب غسلهما بدونه.
( وقصر النية على القلب ) من دون ضمّ اللسان إليه ، فإنّ القلب أصلها والتلفّظ بها بدعة حادثة. ( وحضور القلب عند جميع الأفعال ) ، فإنّه روح العبادة ، وبسببه تعلو درجتها ويرتّب قبولها كما ورد في الأخبار (٥) ، والمراد بحضوره عندها : تدبّر حكمتها وإسرارها وغايتها في كلّ شيء منها بحسبه ـ كما حقّقناه في رسالة (٦) أسرار الصلاة ـ وكذلك بيّنا
__________________
(١) « تهذيب الأحكام » ١ : ٩١ ـ ٢٤٣ ، بتفاوت يسير.
(٢) « الخلاف » ١ : ٨٣ ، المسألة : ٣٠ ، ادّعى الإجماع على بدعية مسح جميع الرأس ، « الوسيلة » ٥٠ ، قال بترك مسح جميع الرأس ، ويقصد من ذلك المسح بأكثر من ثلاث أصابع ، وحكى في « مختلف الشيعة » ١ : ١٢٥ ، المسألة : ٧٧ ، تحريم ابن الجنيد له مع اعتقاد مشروعيته.
(٣) « المعتبر » ١ : ١٤٠ ، « تذكرة الفقهاء » ١ : ١٤١ ، ذيل المسألة : ٣٩ ، « قواعد الأحكام » ١ : ١٩٩ ، « الذكرى » ٨٠ ، « البيان » ٤٣.
(٤) نقله في « الذكرى » ٨٠ عن ابن طاوس في كتاب البشرى ، وهو غير متوفّر لدينا.
(٥) الظاهر أنّ عبارة ( تعلو درجتها ويرتّب قبولها ) ممّا استفادة الشارح ( قدّه ) من الروايات الواردة في التأكيد على استحباب حضور القلب في الصلاة والمصرّحة بأنّ قبولها منوط به ، وذلك لعدم العثور على رواية تتضمن تلك العبارة. راجع « الكافي » ٣ : ٣٦٣ ـ ٢ ، ٤ ، « الخصال » ٢ : ٦١٣ ضمن ح ١٠.
(٦) « أسرار الصلاة » ضمن « رسائل الشهيد » ١٠٢ ـ ١١٢.