المدينة الساحرة الّتي كثر خطّابُها والمعجبون بها لن تكون مهمة الباحث أمامها سهلة، إذا ما أراد الحديث عن تراثها العريق وأدبها الغزير. ولكن ممّا يهوّن الخطب إذا تناولنا جانباً واحداً من ذلك التراث الضخم ونرصده في زاوية من زوايا تأريخنا الطويل، وهذه الزاوية حول دور الشيعة بشكلٍ إجمالي. ويشتمل هذا البحث على أربعة أمور هي:
أولاً: فضل البصرة.
ثانياً: جذور التشيّع في البصرة.
ثالثاً: دور شيعة البصرة في نصرة الأئمة عليهم السلام، الإمام الحسين عليه السلام ـ نموذجاً ـ.
رابعاً: دور شيعة البصرة في الأخذ بثارات الإمام الحسين عليه السلام.
قال الحموي في معجم البلدان: قال ابن الأنباري: البصرة في كلام العرب الأرض الغليظة، وقال: قُطْرب: البصرة الأرض الغليظة التي فيها حجارة تُقَلَّعُ وتَقْطَع حوافِرَ الدواب. قال: ويقال بصرة للأرض الغليظة.
وقال غيره: البصرة حجارة رَخْوَة فيها بياض، وقال ابن الأعرابي: البصرة حجارة صلاب. قال: وإنما سُمّيت بصرة لغلظها وشدّتها، كما تقول: ثوب ذو بُصر، وسقاءٌ ذو بُصر إذا كان شديداً جيّداً.
قال: ورأيتُ في تلك الحجارة في أعلى المِرْبَد بيضاً صلاباً، وذكر الشرقي بن القطامي إنّ المسلمين حين وافوا مكان البصرة للنزول بها نظروا إليها من بعيد وأبصروا الحصى عليها فقالوا: إنّ هذه أرضٌ بَصرَةُ يعنون حَصْبَة فسميت بذلك، وذكر بعض المغاربة: أنّ البصرة الطين العلك.