_________________
العصر الذهبي للحضارة العربية. ذلك انهم اعتقدوا قديما كما اشار المؤلف ومن جاء قبله : ان الرؤية تتم بواسطة العصبه المجوفه التي تخرج من الدماغ ، وان الروح الباصر او الروح النفساني الخارج من الدماغ بواسطة تلك العصبة المجوفة مستمر في سيره حتى يصل الى الحدقتين وينفذ من خلال الرطوبات الزجاجية والجليدية والبيضية ومن الحدقة حتى يصل الى الهواء الخارجي فيقابل النور المنعكس من الجسم المنظور (المبصر) بمساعدة النور الخارج. ويرتد ثانية لينطبع في الجليدية وبذلك يتم الابصار.
بقيت هذه النظرية سائدة حتى عصر الحسن بن الهيثم (٣٥٤ ـ ٤٣٠ ه أو ٩٦٥ ـ ١٠٣٨ م) حيث انقلبت نظرية الابصار القديمة ونظرية الروح الباصر وأهمية الرطوبة الجليدية وكونها عامل الابصار ، وحلت محلها ما نجم عن كشوفات ابن الهيثم في البصريات والذي كتب عن العين وطبقاتها ورطوباتها المعروفة لدى من قبله ، وقد نحى في وصفه المنحى الذي يؤدي الى غرضه كعالم طبيعي (فيزيائي) يعنى بالعين من الناحية الفيزيائية بالقدر اللازم لانشاء نظريته في الرؤية. فلم يتعرض في وصفه للناحيه التشريحيه كما تعرض لها رجال الطب والتشريح فيما يختص بالعين كما وصفها من قبله ، وانما عنى بوصفها كآلة ابصار ذاكرا ما يكفي فيما قصده من امر الضوء والادراك بالبصر. ومجمل رأيه في تركيب العين ورطوباتها ، انها ذات شكل هندسي تمثل قطاعا يمر بوسط العين الطبقه الخارجيه من الملتحمه ويليها من الداخل العنبيه وبها ثقب من مقدم العين تغطيه القرنيه المشفّه ، وفي داخل العنبية مما يلي الثقب ، الرطوبة الجليدية ، ومقدمها الذي به الثقب التسطيح العدسي الذي هو جزء من سطح كرّي نصف قطره أعظم من نصف قطر السطح المؤخر للرطوبة الزجاجية ، ويكون موضع التحام الجليديه بباطن العنبيه نهاية طرف العصب البصري حيث يدخل من الثقب الذي في العظم القفوي ، وتمتد الطبقه الداخليه منه منبسطة في جسم العنبيه محيطة بالرطوبة الزجاجية الى ان تنتهي الى موضع الالتحام المذكور.
لقد ذكر ابن الهيثم القسم التشريحي كما ذكروه من قبل الا ان وصفه يجيء مطابقا لما ستكون عليه كيفية الرؤيه وكيفية نفوذ الضوء الوارد الى سطح العين خلال الرطوبات المختلفة الموجودة في داخلها. وابن الهيثم في هذا يتناول امورا لم يبدأ العلم الحديث في الادلاء بها الا في اواخر القرن التاسع عشر. وهو يرى من كل ما مر ان الابصار يكون بالضوء الوارد من الجسم المبصر (المنظور) الى البصر. وان الضوء ينفذ في الوسط المشف الواحد على سموت خطوط مستقيمة. وهو يعلم حدوث