_________________
الانعطاف عند نفوذه من وسط مشف الى اخر يختلف شفيفه عن شفيف الاول. وهو يعلم ان سطحي القرنية ـ الامامي والخلفي ـ والسطح الامامي للجليدية سطوح كرّية مركزها مركز البصر ، وقد بين كيف ننظر الى الاشياء في آن واحد ، وان الاشعة من النور تسير من الجسم المنظور الى العينين. ومن ذلك تقع صورتان على الشبكية في محلين متماثلين كما انه أول من بين ان الصور التي تنشأ من وقوع صورة المرئي على شبكية العين بنفس الطريقه التي تتكون فيها صورة جسم مرئي تمر اشعته الضوئيه من ثقب في محل مظلم ثم تقع على سطح يقابل الثقب الذي دخل منه النور. والسطح يقابله في العين الشبكية الشديدة الاحساس بالضوء فاذا ما وقع الضوء عليها أحدث تأثيرا ينتقل الى المخ. ومن ذلك تتكون صورة الجسم المرئي من الدماغ.
لقد كان العثور على كتاب المناظر لابن الهيثم ونشره مكسبا عظيما للابداع العربي. وقد بقي الكتاب المنقول من العربية الى اللاتينيه مرجع اهل اوربا في علم الضوء خلال القرون الوسطى وابان عصر النهضه. وبقي منهلا عذبا نهل منه علماء أوربا مثل (روجر باكن ، وكبلر ، وليونارد دوفنشي) وغيرهم. وهذا ما جعل الدكتور المحقق الباحث ماكس ماير هوف ان يقول (ان عظمة الابتكار العربي تنجلى في بصريات ابن الهيثم).
لقد استمر الاعتقاد بأن الجليدية (الجسم البلوري أو العدسة) كائنة في وسط المقلة. وانها هي عضو البصر الرئيس وان جميع ما يحيط بها من رطوبات واغشيه قد جعلت لحماية العين. واستمر هذا الاعتقاد مدة تزيد على خمسة عشر قرنا أي من قبل عصر جالينوس (١٣١ ـ ٢٠١ م) حتى عصر بن الهيثم (الخامس الهجري وأواخر العاشر الميلادي) حيث فسر الابصار كما نفسره الان. كما وان ولاول مرة يعلق الطبيب الايطالي (فابريسيوس آب اكوا بندتي سنة ١٦٠٠ م ان العدسة (الجليدية) موضوعه في الجزء الامامي من العين. كما شرح جوهانس كبلر سنة ١٦٠٤ وظيفة العدسه والشبكيه والانكسار البصري. وجاء بعدهما الطبيب الفرنسي (بيير بريسو) ليوضح طبيعة الماء الابيض (الساد) مثبتا انه كثافة في الجليدية (العدسة) وذلك سنة ١٧٠٤ م. ومن الغريب ان الاطباء العرب كانوا يجرون عليه عملية الماء الابيض بطريقة الاماله أو بالارتشاف بواسطة ابره مجوفه بالرغم من عدم معرفتهم حقيقه الجليديه التشريحيه (انظر : الحسن بن الهيثم ، بحوثه وكشوفه البصرية تأليف مصطفى نظيف ج ١ ـ ص ٢١٥ ـ ١٣٦١ ه ـ ١٩٤٢ م. مطبعة نوري بمصر). (وانظر : طب العيون عند العرب للدكتور مصطفى شريف العاني ، ج ٢ مخطوط).