بسبب طبع الطعام ، والسبب في فساده إما حرارة مزاج المعدة بالطبع ، وإما مرار ينصب اليها من الكبد فان كان الطعام الذي يفسد في المعدة إنما يحمض. والسبب فيه إما سوء مزاج من المعدة باردة وإما بسبب بلغم ينصب اليها من الرأس فإذا كانت المعدة تفسد الطعام بسبب سوء مزاج منها حار فهي تستمريء الأطعمة العسرة الانهضام / وتفسد الأطعمة السهلة الانهضام.
وإن كانت إنما تفسد الطعام ، بسبب من أن ينصب اليها من الكبد وهي تفسد جميع الطعام ، وما عسر انهضامه منها وما سهل انهضامه. وإذا كانت المعدة باردة. فهي تستمريء ما سهل استمراؤه من الطعام ، ويفسد ما عسر استمراؤه ، وتفسد ما عسر استمراؤه.
وذكر جالينوس في هذا الكتاب ، أن العلاقات التي يفرّق بها بين من يتولّد فيه المرار ويفسد به ، طعامه بسبب مزاج من المعدة ، حار يابس / ، وبين ما [ يعرض له ] / ذلك بسبب من أن ينصب الى معدته على كبده ست : أولهن أنه إن كان الغالب على البدن كله البلغم وحاجة يتقيأ مرار أصفر. فالسبب فيما يعرض له من ذلك مرة صفراء من كبده الى معدته. وان كان البدن حارا يابسا ، وصاحبه يتقيأ مرارا ، فالسبب في ذلك أن المرّة تتولد في المعدة.
[ والثانية ] : أنه إن كان الغائط ملونا بلون المرة الصفراء فالسبب في تولّد المرار حرارة المعدة. وإن كان أشد بياضا ، فالمرار ينصّب الى المعدة من الكبد. وذلك أن المرة الصفراء ، إذا مالت الى المعدة لم يمر في الامعاء. والثالثة : انه إن كانت التي تخرج بالقيء ، لونها لون الكراث ، فهي تتولد في المعدة ، وان كانت حمراء أو صفراء فهي تنصب الى المعدة (من) الكبد. والرابعة : أنه إن كان الغذاء جيدا ، فالمرة تنصب من الكبد. وإن كان الغذاء رديئا ، فهي يتولد في المعدة. والخامسة : أنه إن كانت المعدة تستمريء الأشياء العسرة الانهضام ، فمزاجها حار والمرة يتولد فيها. وإن كانت لا تستمريء هذه الأشياء فليست بحارة المزاج بل إنما ينصب اليها المرة الصفراء من الكبد.