بالماء العذب السخن ، ويضموا الى معدهم صبي نظيف صحيح البدن. فان حرارة الصبي تدفيء المعدة المتغير مزاجها من البرد واليبس ، ويستعملوا الأغذية والأدوية والأشربة الحارة ، اعتدال الرطبة في جوهرها ، وفي صنعتها مع الرياضة المعتدلة.
وفيما ذكرنا من هذا الكتاب كفاية.
القول في التدبير الحافظ لصحة المعدة
ينبغي لمن أراد أن يستديم صحة المعدة ، حتى لا يعرض لها مرض يغيّر أفاعيلها أو يضعفها ، أن يجعل الطعام مثل الدواء. وكما أن الدواء ليس يقصد الى أن يكون لذيذا أو كثيرا ، وإنما يقصد الى منفعته. وكذلك ليس القصد من الطعام الى لذته ، ولا الى كثرته ، وإنما القصد الى منفعته وهي أن تسدّ الحر عنه ، لا غير ذلك.
وذلك أن المعدة إذا حمل عليها فوق الطاقة ، دقت واتسعت وبردت وضعفت حتى تصير كالثوب الخلق البالي. فإذا صارت كذلك عرض لها التخم لا عن سبب معروف ولا عن أطعمة رديئة والتخم من أعظم الأسباب قوة في فساد الدم ، وتولد الامراض. وأفضل الأشياء المتخذة لهضم الطعام وما يعد له من صنوف الهواضم والجوارشنات ، ترك الطعام وهو يشتهى وترك الشراب دون البلوغ الى حاله (الأقصى) وقيل لبعض حكماء الروم : أي وقت الطعام أصلح؟ قال : أما المزدرد فاذا اشتهى ، فأما لمن لم يقدر فاذا وجد للشهوة أيضا في استمراء الطعام ، أعظم الحظ لأنها دليلة على الموافقة والملائمة. فمتى كان طعامان يستويان في الجودة ، وكانت شهوة المحتاج اليهما ، أو الى أحدهما أميل ، رأينا ايثار المشتهي على الآخر ، لأنه أوفق لطبيعته ، وأسهل عليها في الاستمراء. ومتى كان طعامان أحدهما أجود من الآخر ، وكانت شهوة المحتاج اليهما الى أرداهما أميل. أجبرناه على أجودهما إذا لم يخف منه ضررا ، أكثر مما ينال منه من المنفعة يخسر قبول المعدة له ، واستمرائها ، إياه فقد تبيّن مما قدمناه ، أن أفضل الأشياء لحفظ صحة المعدة أن يترك الطعام وهو يشتهى ، ولا يكلف المعدة منه إلا ما تحسّ به قوة