واحدة ، فجعلها أكلتين لم يستمريء طعام.
ومن كانت عادته أن يجعل طعامه في وقت من الأوقات فينقله الى غير ذلك الوقت تبيّن له ضرر ذلك لأن العادة طبيعية ثانية. كما ذكر أبقراط ، فإن حدث شيء يدعو الى الانتقال عنها ، فأوفق الأمور في ذلك أن ينتقل عنها قليلا قليلا. وينبغي لمن أراد أن يستديم صحة المعدة ألاّ يحدث لها سوء الهضم بسبب ما يحدث عليها من سوء ترتيب الأغذية. مثل تقديم ما ينبغي أن يؤخّر وتأخير ما ينبغي أن يقدم. فإن أصل فسادها ، وكون العلل فيها ، إنما يكون من قبل ما ذكرنا. وفيما بيّنا في هذا الباب كفاية إن شاء الله.
القول في الأورام الحادثة في فم المعدة
إن الأطباء القدماء الذين كانوا قبل جالينوس يسمّون فم المعدة الفؤاد. يزعمون أنه ليس الجسد عضو يسرع اليه الوجع ، ويميل معه ميل فم المعدة.
وقال جالينوس في كتاب « العلل » (١) : قد يجب أن يدخل فم المعدة في عداد الحواس ، وذلك أن فيه فضل حسّ. فاذا نال هذا الحسّ آفة أحدث في المعدة الأعراض الثلاثة المتألّفة للشهوة : وهي بطلان الشهوة ، ونقصان الشهوة ، وفساد الشهوة. وهذا العرض الثالث يكون إما في المقدار مثل :
أن تكون الشهوة زائدة على المقدار الذي ينبغي. وإما في الحال مثل أن يشتهي الانسان أكل الاخزاف والطين أو الفحم. وسنذكر هذه الاعراض فيما بعد من هذا الكتاب.
وقد تعرض في فم المعدة الاورام من قبل سائر الأخلاط كما تعرض لسائر الاعراض ، والاستدلال على هذه الأورام بيّن ظاهر بحسب ما يظهر من كانت الأورام من قبل تجلب مادة حارة وجد العليل وجعا شديدا ، وحمّى وعطشا شديدا ، وحرقة مفرطة ، والتهابا وإذا لمس وجد ملمسه حارا ، وربما كان مع ذلك فواق.
وإن كان الورم من قبل يجلب مادة باردة وجد العليل أثقل ووجع رخو
____________________
(١) اي كتاب العلل والاعراض.