الشهوة الكلبية متولدة عن استفراغ البدن بالتحليل ، من قبل افراط الحرارة ، فينبغي أن يدهن العليل بدهن الورد ، ودهن البنفسج ، ويغيّر الهواء الى البرودة ويستعمل الأدوية ، والأشربة ، المقوّية للاعضاء. ويصير مكان الحركة السكون ، ومكان السهر النوم.
وقد قال أبقراط : متى كان بإنسان وجع فلا ينبغي أن يتعب ، فإذا كانت هذه الشهوة متولدة عن ضعف القوة الماسكة. فينبغي أن يعطي الدليل جوارشن السفرجل ، وجوارشن الرمان ، والجوارشن الجوزي ، والأطريفل البارد القابض الذي ذكرنا في أول الكتاب. وسفوف حب الرمان وما أشبه ذلك من الأدوية والأشربة والأغذية العفصة ، التي لها قوّة عطرية وانها تسد جرم المعدة ، وتقوّي القوة الماسكة ، ولا تعالج بالأشياء الدسمة. فإنها ترخي المعدة وتضعف هذه القوة الحابسة ان شاء الله.
القول في بطلان شهوة الشرب للماء
ان الماء حياة كل شيء ، وهو يليّن الطعام في البطن والمعدة. وفي غريزة الإنسان الشهوة للماء كما يشتهي الطعام. وقد يعرض لهذه الشهوة البطلان ، كما يعرض لشهوة الأطعمة. وتكون ذلك اما لكثرة الرطوبة ، واما للبرودة ، واما لقلّة حس المعدة.
وربما نقصت شهوة الشراب ، اذا لم تكن هذه الأشياء التي وصفناها قد بلغت الغاية. فقد ذكر جالينوس في تفسيره في كتاب « ابيذيميا (١) » أن شهوة الشراب تبطل من أحد ثلاثة أسباب : اما من فضل رطوبة تكون في المعدة ، واما من بطلان القوة الحساسة التي فيها. واما من سوء (التمييز) بالدهن. وبطلان الشهوة للشراب من أجل بطلان القوة الحساسة دلالة مذمومة. وأردأ منها حالا(من)كان لا يشتهي الشراب البتة لأن ذلك يدل على موت من القوة الحساسة التي في المعدة. وكما أن الشجر انما تجف أصولها ، وتذبل فروعها ، بعدم غروقها رطوبة الماء. وكذلك الجسد ينحلّ وتذبل أعضاؤه
____________________
(١) كتاب ابيذيميا (الامراض الوامنة) لا بقراط. ولجالينوس تفسير لهذا الكتاب.