لعدم الشهوة للماء. لأنه قد ركب في غريزية الإنسان شهوة الشراب. وكما ركب فيه شهوة الطعام. وتقوم الأجساد بذلك في حياتها وينموان باستعمالها.
القول في بطلان الشهوة
ينبغي لنا أن ننظر ، فإن كان سبب بطلان شهوة الماء من قبل رطوبة عالية على فم المعدة ، فيستفرغ تلك الرطوبة اما بالقيء في رفق ولطف ، وأما بالاسهال بالأدوية التي ذكرنا أنها تنقّي المعدة من الرطوبات. فإن منع من الإسهال مانع ، فينبغي أن يعالج العليل بالأدوية والأشربة والأغذية التي تجلو تلك الرطوبة الرديئة ، وتصلح كيفيتها ، وتقوّي المعدة ، مثل الاسكنجبين العسلي ، بمطبوخ الأصول ، وشراب العسل المتخذ بالأفاوية وما أشبه ذلك فإن كان بطلان شهوة الشراب من برد غالب على فم المعدة فينبغي أن يعالج ذلك ، بالأشياء الحارة اللطيفة مثل جوارشن جالينوس. أو جوارشن الفلافل ، أو جوارشن الأفاوية ، وجوارشن الأنيسون ، أو جوارشن الكمون ، أو الجوارشن الذي سميّناه : الكامل. وما أشبه ذلك مما فيه عطرية أدوية كانت أو أغذية إن شاء الله.
القول في الشهوة الرديئة الغريبة في الشرب
انه كما أن الجوع سبب لاستعمال الأكل ، كذلك العطش سبب لإستعمال الشرب. وقد تعرض شهوة رديئة غريبة للأشربة حتى يشتهي الإنسان الشراب بأكثر مما ينبغي. ويفرط عطشه كالذي يعرض من الشهوة الغريبة ، للأغذية فمتى تولد العطش بالإنسان فوق المقدار الطبيعي ، من غير أن يكون تغذّى بأشياء حارة أو محالة ، وما أشبه ذلك من الأشياء المعطّشة فإن السبب في ذلك يكون عن ألم الأعضاء الباطنة ، وأكثر هذه الأعضاء شهوة للشراب : المعدة وبخاصة فمها الأعلى. ثم بعد المعدة المريء ، وبعد المريء الرئة ، وبعد الرئة الكبد ، وبعد الكبد المعاء المعروف بالصائم. وإنما يشتد العطش من المعدة لأمرين : أما من طريق الكميّة إذا كان فيها خلط كثير من المرار والبلغم المالح ، أو من طريق الكيفية إذا حدث فيها ضرب من الغليان والحمّى. فيشتهي الشرب لذلك كما يعرض في الحمّى. وأكل الغذاء والشراب