الحار ، بالقوة جدا ، فإن كان العطش من مرّة صفراء في فم المعدة أو في طبقاتها ، وجد العليل عند شربة الماء مرارة في الفم ، مع بخار دخاني في الحلق وتسرع سخونة ذلك الماء في المعدة. وإن كان من بلغم مالح محتبس في طبقات المعدة ، وجد ملوحة في مذاقته ، ويسكن عطشه عند شرب الماء السخن. وأما العطش العارض من قبل ألم أعضاء الصدر فإن سبب ذلك يكون من تغيّر مزاج حار غلب على تلك الأعضاء. أو من قبل ورم حار يولد فيها. وصاحب هذا العطش(يستريح)الى الهواء البارد وينتفع باستنشاقه أكثر من انتفاعه لشرب الماء البارد. فإن كان العطش من قبل ألم الكبد ، فإنه يكون أيضا اما من قبل تغيّر مزاج حار غلب عليه ، أو ورم حار يولد منه. ودليل ذلك ما يجد العليل في جنبه الأيمن عند شرب الماء لأن الوجع عند ذلك يكون أشد حتى لربما حبس النفس ، وقد يكون العطش خفيفا وأعني بالخفيف اليسير ، وحدوث هذا العطش ليس يكون من البدن كله ، ولا من حال علّة عالية على نواحي أعضاء الصدر والمعدة والكبد. لكنه انما يتولد عن سبب (جفاف) المواضع التي تنجذب فيها الرطوبة من الفم الى المعدة ، وحرارتها وقد يعرض العطش في بعض الأوقات اذا (التهبت) الكليتان وضعفتا. فيكون صاحب هذه العلة لا يروى من الماء ، ولا يذهب عطشه ، ويسمي ذلك ضيابيطا. وقد بينّا السبب في هذه العلة. وذكرنا تدبيرها وطريق مداواتها ، وأنها في كتابنا المسمّى « زاد المسافر ».
القول في التدبير النافع لأفراط العطش
ينبغي أن يقطع العطش المفرط المتولد من قبل مزاج حار غالب على أحد هذه الأعضاء الباطنة التي ذكرنا ، بأن(يؤمر)العليل بالسكون وضم الفم ، والصمت ، وادخال الريح البارد مع الشرب وعند استنشاق الهواء بعد أن يعني عناية بالغة أن يكون الهواء الذي يستنشق بارد. وخاصة في الصيف ، ويسقي الأشياء الباردة المطفئة للحرّ مثل ماء القرع المشوي مع السكر الطبرزد. أو ماء الدلاع مع شراب البنفسج أو لعاب البزر قطونا المستخرج في ماء الرمانين. أو في ماء الورد مع شراب الجلاب ، أو شراب الورد ، أو شراب الاجاص ، ويمزج الماء دائما ببعض هذه الأشربة التي ذكرنا.