فيها ، من غير غلبة خلط من الأخلاط. واما لغلبه خلط من الأخلاط عليها خارج عن الحد الطبيعي. كما بينّا في غير موضع من هذا الكتاب. وقد ذكر جالينوس أن السبب العامّي في حدوث الجشاء من هذه الأسباب أو غيرها ضعف الحرارة الغريزية ، التي في المعدة عن أن تقهر الأطعمة وتهضمها نعما. كالذي يعرض متى ألقيت على نار يسيرة حطبا كبيرا رطبا. وانما يختلف الجشاء بسبب اختلاف السبب الفاعل لضعف المعدة. والجشأ الذي يعرض من أحد ثلاثة اسباب : أحدهما افراط حر المعدة ، والثاني اجتماع المرّة الصفراء فيها ، والثالث أن تكون قوة الأطعمة حارة. مثل العسل وما أشبهه. والجشأ الحامض يعرض من أحد ثلاثة أسباب أيضا : أحدهما برد المعدة ، والثاني اجتماع البلغم فيها. والثالث أن تكون قوة الأطعمة باردة مثل التين والفواكه الرطبة وبخاصة اذا كانت كبيرة.
القول في التدبير النافع من افراط الجشاء.
ينبغي لنا اذا حدث الجشاء الخارج عن الاعتدال ، أن نروم تسكينه. فان كان حدوثه عن سوء مزاج حار غالب على المعدة حتى أضعفها ، فينبغي ان يقابل ذلك بالأشياء التي تبّرد المعدة وتقّويها مثل ماء الرمانين ، وشراب الرياحين ، وشراب الجلاب ، وشراب الورد وشراب الحصم ، والورد المرّبى ، وما أشبه ذلك من الأدوية والأشربة والأغذية على حسب ما ذكرنا في علاج سوء مزاج المعدة الحار السبب. وكذلك ينبغي أن يعالج الجشاء الدخاني المتولد من كيموس حار صفراوي مجتمع في المعدة على حسب ما ذكرنا آنفا من انقاء المعدة بالقيء واسهال ذلك الكيموس بنقوع الأفسنتين وأيارج القبض أو ماء الجبن المتخذ بالسكنجبين ، وما أشبه ذلك. فان كان حدوث الجشاء من سوء مزاج بارد ، استعملنا تسخين المعدة بالترياق ، أو السكرنايا ، أو جوارش الكمون ، أو جوارش الأنيسون ، أو جوارش القرنفل ، أو جوارش الأفاوي. وما أشبه ذلك من الأدوية التي تسخّن المعدة وتقّويها. فان كان الجشاء من مادة كيموس بارد ، استعملنا انقاء المعدة بالقيء أو باسهال ذلك الكيموس البارد بمثل أيارج جالينوس. أو أيارج اللوغاذيا أو الجوارش المسمّى طالب الحق ، وما أشبه ذلك من الأدوية التي ذكرنا أنها تنقّي المعدة