القول الثاني من اسباب فساد
الاستمراء.
وأما السبب الثاني الذي يفسد الاستمراء فهو أن تجتمع في المعدة مادة كيموس ، يتولّد فيها من فضول الأغذية ، أو (١) ينصب اليها من الرأس. ومن بعض الأعضاء فتفسد الأطعمة لذلك. وقد بيّنا في مواضع من هذا الكتاب ، أنه متى كانت الأطعمة تستحيل في المعدة الى الدخانية ، من غير أن يكون ذلك من قبل طبيعتها أن العلة الفاعلة لتلك الاستحالة الحرارة ، ومتى كانت تستحيل الى الحموضة [ من غير أن يكون ذلك من قبل طبيعتها ].
فإن السبب في ذلك البرودة. وليس يتبيّن من هذا السبب فيه سوء مزاج المعدة فقط أو خلط يجتمع في المعدة ولكن تفصيل ذلك يكون بما ذكره جالينوس الحكيم (٢).
وهو أن يطعم العليل أطعمة مضادة في طبيعتها لحال ذلك الفساد مثل من كانت الأطعمة تستحيل في معدته الى الدخانية كالخبز المثرود الذي قد يقع في ماء او سكنجبين ، أو تطعمه الشعير الذي يسمّى خندروس.
ومن كانت الأطعمة تستحيل في معدته الى الحموضة أطعمناه خبزا قد نقع في عسل فاذا تناول ذلك أمرناه بالتهوّع ثم يتفقد ما تقيّأه (٣) فان كان في معدته مرّة مرتكبة ، تقيّأ من ساعته كيموسا بلغمانيا (٤)مرّيا حارا (٥) ، وان كان في معدته بلغما مرتكبا تقيّأ من ساعته كيموسا بلغاميا ، ورأينا تلك الأطعمة متلوثة (٦)بذلك الخلط ، فيكون ظهور الاستحالة فيها اكثر بحسب فعل ذلك الخلط. وان كان السبب سوء مزاج حار من غير غلبة خلط من الأخلاط ، رأينا الخبز أو الشعير الذي أطعمناه يخرجان ، وقد قبلا من
____________________
(١) آ : و.
(٢) آ : ساقطة.
(٣) ظ : يتقياء.
(٤) ظ : ساقطة.
(٥) آ : ساقطة.
(٦) آ : متلتوتة.