التي ذكرنا كلها مما يفسد الاستمراء وسوء الهضم يحدث أعراض مختلفة بحسب مقداره. وذلك أنه ان كان قويا أحدث أعراضا كثيرة قوية (١)و ان كان ضعيفا كان ما يحدثه من الأعراض يسيرا سهلا وبحسب تغيّر الطعام الى ما يتغيّر اليه. وذلك أنه ربما استحال الطعام ، عند سوء الهضم الى خلط بلغمي فيحدث الجشاء الحامض ـ وربما استحال الى خلط مرّي فيحدث الجشأ الدخاني ـ واللذع وربما تولدت منه رياح تحدث النفخة وبحسب طبيعة الانسان الذي يعرض له ذلك ، وذلك انه لو لم تكن معدته ذكيّة الحس لم ينلها من ذلك لذع شديد ، ولا استفراغ كثير ولا خفقان ، ولا وجع في الرأس وان كانت كثيرة الحس أسرعت اليه (٢) هذه الأعراض كلها. وبحسب قوة كل واحد من أعضاء البدن وضعفه. وذلك أن العضو الضعيف من [ واحد ] فيمن يعرض له سوء الهضم يحس بالضرر منه. فان كان الرأس هو العضو الضعيف في البدن ، عرض عند ذلك ثقل في الرأس أو سهر أو صرع أو جنون أو سبات أو وسواس سوداوي.
وان كانت الأمعاء هي الضعيفة عرض وجع في المعاء. وان كان الضعيف الكليتان أو الطحال أو الكبد أو الصدر أو المفاصل حدث فيه وجع. وان كان البدن بأسره ضعيفا ، أحسّ الانسان في بدنه باختلاج أو قشعريرة ، أو نافض أو حمى.
وهذا قول جالينوس في كتاب « العلل والأعراض » وفيما تكلمنا به وحكيناه من كلام أفاضل الأطباء في سوء الاستمراء كفاية وبالله التوفيق. القول في التدبير النافع من سوء الاستمراء وابطاء الهضم.
ان فساد الاستمراء يعرض من أسباب كثيرة كما بيّنا. فينبغي ان تبتدىء من علاج ذلك فتنظر من أي سبب كان حدوثه. فان كان من قبل رداءة الأطعمة أو من قبل كثرتها ، أو سوء ترتيبها ، ودل على ذلك البرهان الذي قدمنا ، أمرنا عند ذلك باستعمال القيء بعد شرب الماء الحار فأنه يتقيّأ ، كلما فسد في معدته وهو >أخطر< الأشياء الفعاله.
____________________
(١) آ : ساقطة.
(٢) آ : أسرع اليها.