من النظر أن البرد من شأنه العصر والضغط للأوعية من موضع الى موضع والرطوبة من شأنها أن تسيل وتطرق للمدفوعات حتى يخرج الثفل الذي تحتاج الطبيعة الى اخراجه ، فمتى اتفقا جميعا كان أعون لها على دفع المدفوعات ، وأسهل وللمعارض لنا أن يقول : لم زعمت أن البرد من شأنه عصر الأوعية وضغطها على انفراده من اليبس بل كان مع مصاصة اليبس له أفعل وأقوى على الضغط والعصر للأوعية ودفع المدفوعات من الثفل حتى يخرج.
القول في كيفية اعتراض الآفات
لكل واحد من هذه القوى الأربع وحفظها منها ودفعها العلل عنها ورودها الى اعتدال جوهر مزاجها.
القول في القوة الجاذبة
قال جالينوس : في كتاب « الفصد (١) » علامة حجة القوة. سقمها انما يعرف من أفعالها ويعرف من الفعل (الهوائين) فيقول : ان القوة الجاذبة يعرض لها ثلاثة أصناف من الأعراض : وذلك أن القوة الجاذبة اما لا تقدر على جذب الأطعمة ، ويسمّى هذا العارض استرخاء المعدة. واما أن يعسر ذلك عليها كالذي يعرض في ابتداء استرخاء المعدة. واما أن يكون جذبها ملتاثا اذا كان مع اختلاج أو تشنج أو رعشة. وأما حفظها فانها تحفظ بالأشياء الملائمة لها من الأغذية والادوية فان أخذ منها بمقدار حفظها ودفع الضيم عنها انتفع به. وأما الأدوية فمثل السنبل ، والبسباسة ، والجوزبوا ، والكمون ، والكرويا ، وما أشبه ذلك.
ومتى زادت الحرارة واليبس على مزاج هذه القوة وجب علينا ردها الى اعتدال مزاجها بالأشياء المضادة لها مثل القرع ، والرجلة ، وما أشبهها.
وكذلك ان قلّت حرارتها ويبسها قوّيناها وسخّناها بالاشياء الحارة التي قدمنا
____________________
(١) القصد : كتاب لا بقراط ولا يوجد لجالينوس كتاب بهذا الاسم.