الأصولية ، وأعطتهم الحرية الأكثر في اختيار ما هو أوفق ، وأقرب لحكم العقل. لكنها وبمرور الزمن أوجدت فجوة كبيرة بين الأصول والفقه ، بحيث صار تطبيق القواعد الأصولية في الفقه أمراً صعباً ، ولا يعرف أثرها في الفقه.
ومن ناحية أخرى ، فإن طريقة الفقهاء فيها كثير من التشابك ، والإغلاق ، والتكلف ، والتقيّد بآراء لا أساس لها ، بحيث أصبحت مرفوضة ، بل في طي النسيان.
ولذلك دعت الحاجة إلى طرح القواعد الأصولية ـ مع قطع النّظر عن الفقه ـ والاختلافات الموجودة فيها ، ومن ثم بيان الفروع التي تطبق فيها القاعدة ، وبيان أثر اختلاف الأصوليين في الفقه ، وتخريج الفروع على الأصول.
وبذلك كان لهذا الفن ثمرتان ، الأولى : ربط الأصول بالفقه ، والثانية : بيان أثر الاختلاف في الأصول على الفقه.
ومع ذلك هناك مصاعب واجهها أرباب هذا الفن ، وتتلخص في قلة الفروع المترتبة على كثير من القواعد ، وأن أكثرها لا يمكن تصور الثمرة له إلا في الطلاق المتعدد ، أو المعلّق على الشرط أو الإقرار ، أو مسائل الأيمان والنذور ، التي يمكن فيها فرض شروط تطبق فيها القاعدة ، وإن لم يكن لها مصداق في الخارج.
وأما الكتب المصنّفة في هذا الفن ، فهي معدودة ، وقليلة جدّاً ، ونذكر منها :
١ ـ تخريج الفروع على الأصول ، للزنجاني ، المتوفى سنة ٦٥٦ ، يتعرض فيه لمذهب الحنفية والشافعية في الأصول ، وبيان أثر اختلافهم في الفقه.
٢ ـ مفتاح الوصول إلى بناء الفروع على الأصول ، للتلمساني المالكي