ولا يبعد البناء على الأخير مع التعاصر.
ثمّ انّه لا يذهب عليك أنّ ما أطلقوه في المقام لا يخلو عن إشكال : أمّا أو لا فبأنّ ما ذكروه من تقويم الحرّ عبدا متّجه إذا بيع على أنّه رقّ فتبيّن حرّا ، وأمّا لو بيع على أنّه حرّ لم يتّجه فرض كونه رقّا ، فإنّ الرقّية قاضية بازدياد الرقبة فيه ، فلا وجه لأن يفرض في تقويمه ما ليس فيه.
إلّا أن يقال : إنّ التقويم مبنيّ على ذلك ، إذ لا قيمة للحرّ فلولا فرضه رقّا لم يقوم في العادة (١) ، وأيضا قضيّة بيعه وشرائه هو اعتبار ملكيّة عين المبيع وإن علم عدمه ، فيقوم على حسب ما اعتبراه.
وأنت خبير بما فيه ، إذ قد يباع الأحرار في عادة الفسّاق أو عند الضرورات ، فيتحصّل له قيمة في العرف ، وقد تتفاوت قيمته حينئذ قيمة الرقّ ، وعدم كونه مقوّما شرعا لا يقتضي عدم ثبوت قيمة له في العرف.
وحينئذ فلا بدّ من الأخذ بذلك دون أن يفرض رقّا ، وعلى تقدير عدم ثبوت قيمة للحرّ في العادة فينبغي إلحاق ذلك حينئذ بغير المقوّم من الضميمة كما سيأتي الإشارة إليه ، لا أن يفرض ذلك شيئا آخر حتّى يصحّ بذلك تقويمه ، وكون إقدام المتعاملين على البيع والشراء قاضيا بتنزيله منزلة المملوك فيقوم على حسبما أقدما عليه أو صح التعويل عليه في التقويم غير مطّرد في المقام ، فإنّه إنّما يتم فيما إذا لم يلاحظا حريّته في الإقدام على بيعه بل أجرياه مجرى الرقّ.
وأمّا إذا كان الإقدام عليه على وجه الحريّة ، ولذا اعتبر (٢) العوض المقابل له شيئا يسيرا كما إذا لوحظ معظم القيمة بإزاء الرق وبذل شيء يسير بإزائه مع تساويهما في الصفات وإن تعلّق البيع بهما صفقة فلا يتمّ ذلك ، ففي (٣) تقويمه حينئذ على الرقية (٤) ضرر على البائع إلّا أن
__________________
(١) في ( ألف ) : « امارة ».
(٢) في ( د ) : « اعتبرا ».
(٣) في ( د ) : « وفي ».
(٤) في ( د ) : « الرقبة ».