يقال بخروج هذه الصورة عن المفروض في كلامهم ، فكان ذلك بمنزلة تعيين سهم من الثمن في العقد بإزاء كل من العينين (١) حسبما ذكر نظيره في المسألة السابقة.
ويشكل الحال حينئذ فيما لو بني العقد على ملاحظة الاختلاف بينهما فيما يقابله من العوض من دون تعيين لقدر الاختلاف ؛ إذ لا معيّن له حينئذ في الظن (٢) ، أمّا ثانيا فبأنّ الرجوع في قيمة الخمر والخنزير إلى مستحليه إنّما يتم إذا لم يكن مقوّما عند فساق المسلمين ، أمّا إذا كان مقوّما عندهم جاريا في معاملاتهم كما هو الحال في الخمر في بعض البلدان فلا حاجة إلى الرجوع إليهم ، بل لا وجه إذا اختلفت قيمته عندهم لما يقوم به عند الكفّار.
وكون ذلك ممّا لا قيمة له في الشريعة لا يقضي بانتفاء القيمة العرفية ، فإنّ المعاملات إنّما تجري على مجرى العادات. وكأنّ كلامهم في المقام محمول على الغالب ، وإلّا فالمتّجه حينئذ الرجوع إلى قيمته عندهم ؛ لابتناء العقد حينئذ على ذلك ، فلا حاجة إلى الرجوع إلى غيرهم ، بل لا وجه له مع اختلاف قيمته عندهم لما عندنا.
وهاهنا أمور ينبغي الإشارة إليها :
أحدها : أنّ ما ذكر من تقويم الخمر والخنزير عند مستحلّيه إنّما يتمّ إذا بيع على أنّه خمر أو خنزير ، وأمّا لو بيع الخمر على أنه خلّ مثلا أو الخنزير على أنّه شاة أو بقر فالظاهر تقويم الخمر خلّا والخنزير شاة أو بقرا ؛ إذ الثمن إنّما بذل على ذلك ، فلا وجه لتقويمه خمرا أو خنزيرا.
والظاهر أنّ المفروض في كلام الأصحاب هو الأول ، ولذا اعتبروا القيمة على ما ذكروه.
ثانيها : أنّه لو كان ما لا يملك ممّا لا قيمة له في العادة أصلا كما لو باعه بعض الكثافات مع ما يملكه أو باعه الشمس أو القمر مع شيء مملوك أو باعه شخصا من الجن أو الملائكة مع عبد له ونحو ذلك ، فالظاهر فساد البيع ؛ إذ لا يتعين شيء من الثمن بإزاء المملوك ، ولا يمكن جعل الجميع بإزائه ؛ إذ هو غير ما يقتضيه العقد ولم يقع العقد عليه.
ثالثها : أنّه يجري الحكم المذكور فيما لو كان فساد البيع في البعض من جهة أخرى غير
__________________
(١) في ( ألف ) : « المعنيين ».
(٢) في ( د ) : « الظاهر ».