ادخلوا ، فدخلنا على امرأة جميلة برزت على فرش لها ، فرحبّت وحيّت ، وإذا كراسي موضوعة ، فجلسنا جميعاً في صفّ واحدٍ كلّ إنسان على كرسي ، فقالت : إن أحببتم أن ندعو بصبي لنا فنصيحه ونعرك أذنه فعلنا ، وإن شئتم بدأنا بالغداء ؟
فقلنا : بل تدعين الصبي ولن يفوتنا الغداء ، فأومأت بيدها إلى بعض الخدم فلم يكن إلّا كلا ولا ، حتّى جاءت جارية جميلة قد سترت عليها بمطرف فأمسكوه عليها حتّى ذهب بصرها ، ثمّ كُشف عنها ، وإذا جارية ذات جمال قريبة من جمال مولاتها ، فرحّبت بهم وحيّتهم ، فقالت لها مولاتها : خذي ويحك من قول النصيب ، عافى الله أبا محجن :
ألا هل من البين المفرق من بد |
|
وهل مثل أيّام بمنقطع السعد |
تمنّيت أيّامي أُولئك والمنى |
|
على عهد عاد ما تعيد ولا تبدي |
فغنّته ، فجاءت كأحسن ما سمعته بأحلى لفظ ، وأشجى صوت .
ثمّ قالت لها : خذي أيضاً من قول أبي محجن ، عافى الله أبا محجن :
أرق المحبّ وعاده سهده |
|
لطوارق الهم التي ترده |
وذكرت من رقّت له كبدي |
|
وأبى فليس ترق لي كبده |
لا قومه قومي ولا بلدي |
|
فنكون حيناً جيرة بلده |
ووجدت وجداً لم يكن أحد |
|
من أجله بصبابة يجده |
إلّا ابن عجلان الذي تبلت |
|
هند ففات بنفسه كمده |
قال : فجاءت به أحسن من الأوّل ، فكدت أطير سروراً .
ثمّ قالت لها : ويحك خذي من قول أبي محجن ، عافى الله أبا محجن :
فيا لك من ليل تمتعت طوله |
|
وهل طائف من نائم متمتّع |
نعم إنّ ذا شجو متى يلق شجوه |
|
ولو نائماً مستعتب أو مودع |