وأمّا الجواب على الشبهات التي أُثيرت حوله ، فكما يلي :
أوّلاً : أنّ بدء إقامة الخواجة عند الإسماعيليين ، يتزامن مع الهجوم الأوّل للمغول على عهد جنكيز ، ففراراً من وطأة الغزاة لجأوا ـ كما غيره ممّن استطاعوا الفرار والنجاة ـ إلى قلاع الإسماعيلية التي صمدت في وجه جنكيز ، فتمكّن الطوسي من الاستمرار في دراساته العلمية هناك ، خصوصاً أنّ أمراء الإسماعيلية قد أظهروا الودّ والمحبّة في الأوائل ، وإن اختلفوا معه أخيراً .
نعم ، هناك رأي لبعض المؤرّخين ـ كصاحب كتاب درّة الأخبار ـ بأنّ الطوسي ذهب إلى الإسماعيليين مرغماً ، وأقام عندهم مكرهاً ، إذ هدّدوه بالالتحاق بهم ، ويؤيّد مورّخ آخر ـ وهو سرجان ملكم ـ هذا الفكرة في تاريخه ، وإن كان يختلف معه في كيفية الإرغام .
وفي المقابل ، ينفي آخرون قصّة إرغامه أو سجنه ، بل وادّعى بعضهم أنّ الطوسي كان محلّ ثقة واعتماد عند الإسماعيليين .
وعلى كلّ ، فإنّ الذي يظهر من بعض كتبه قدسسره هو صحّة مضايقته ، أو فرض الإقامة الجبرية عليه ، ففي تتمّة كتاب شرح الإشارات يلوّح ـ وإن لم يصرّح ـ بتلك الضغوط ، وتراكم الهموم والغموم الواردة عليه .
وعلى الجملة ، فاغلب الظنّ أنّ الإسماعيليين وإن رحّبوا بالطوسي بدواً ، ولكن عندما ثبت عندهم ـ بمرور الزمن ـ عدم رضوخه لعقيدتهم ، استعملوا معه أساليب أُخرى للتأثير عليه ؛ وهذا هو الوجه الصحيح في كيفية تعامل الإسماعيليين مع الطوسي من البدو إلى الختم .
فالطوسي كان يستعمل حالة التقية معهم ، لدفع شرّهم وأذاهم ، وهذا الأسلوب كان ينفع أحياناً ، وقد لا ينفع في بعض الأحيان ، عندما يصل الأمر إلى حد أُسس العقيدة ، فكان يظهر عدم موافقته لبعض آرائهم ، فينتهي الأمر إلى الشدّة والضيق .
ومهما يكون الأمر ، فإنّ الطوسي لم
يتأثّر بأية سلبية إسماعيلية في عقيدته ،