خبّاباً ، لقد أسلم راغباً ، وجاهد طائعاً ، وعاش زاهداً ، وابتلي في جسمه فصبر ، ولن يضيّع الله أجر من أحسن عملاً » (١) ، إلى غير ذلك من جمل الرثاء التي تحمل آيات الثناء ، وتعرب عن جليل العزاء ، فضلاً عن البكاء .
وسله سابعاً : عن سنّة الجلوس للعزاء عند المسلمين ، ألم تكن قائمة دائمة ؟ فما رأيه فيما رواه ابن قيّم الجوزية وهذا تلميذ ـ إمامه ابن تيمية ، فهو على شاكلته ـ في كتابه فقال : « لمّا توفّي العباس أحجم الناس عن تعزية ولده عبد الله إجلالاً له وتعظيماً ، حتّى قدم رجل من البادية ، فأنشده :
اصبر نكن بك صابرين فإنّما |
|
صبر الرعية بعد صبر الرأس |
خير من العباس صبرك بعده |
|
والله خير منك للعباس |
قال : فسرى عنه ، وأقبل الناس على تعزيته » (٢) .
وسله ثامناً : عمّا رواه ابن الأثير وابن كثير في وفاة عبد الرحمن بن أبي بكر ، وهذا هو شقيق عائشة فقال الثاني : « ولمّا توفّي كانت وفاته بمكان يقال له الحبشي ـ على ستة أميال من مكّة ، وقيل أثنى عشر ميلاً ـ فحمله الرجال على أعناقهم حتّى دفن بأعلى مكّة ، فلمّا قدمت عائشة مكّة زارته ، وقالت : أما والله لو شهدتك لم أبك عليك ، ولو كنت عندك لم أنقلك من موضعك الذي مت فيه ، ثمّ تمثّلت بشعر متمم بن نويرة في أخيه مالك :
وكنّا كندماني جذيمة برهة |
|
من الدهر حتّى قيل لن يتصدّعا |
فلمّا تفرّقنا كأنّي ومالك |
|
لطول اجتماع لم نبت ليلة معا |
قال ابن كثير : رواه الترمذي وغيره » (٣) .
وقال ابن الأثير : « ولمّا اتّصل خبر موته بأخته عائشة ظعنت إلى مكّة حاجة ،
______________________
(١) نفس المصدر السابق .
(٢) بدائع الفوائد ٤ / ١٠١٨ .
(٣) البداية والنهاية ٨ / ٩٦ .