فوقعت على قبره فبكت عليه ، وتمثّلت :
وكنّا كنـدماني جذيمة حقبة |
|
من الدهر حتّى قيل لن يتصدّعا |
فلمّا تفرّقنا كأنّي ومـالـكاً |
|
لطول اجتماع لم نبت ليلة معا » (١) |
وسله تاسعاً : عمّا رواه البخاري : « ورأى ابن عمر فسطاطاً على قبر عبد الرحمن ، فقال : انزعه يا غلام ، إنّما يظلّه عمله » (٢) .
وذكر ابن حجر : « مرّ عبد الله بن عمر على قبر عبد الرحمن بن أبي بكر أخي عائشة ، وعليه فسطاطاً مضروب ، فقال : يا غلام أنزعه فإنّما يظلّه عمله ، قال الغلام : تضربني مولاتي قالت : كلّا فنزعه » (٣) .
وزاد ابن عساكر : « فقالت لها ـ لعائشة ـ امرأة : وإنّك لتفعلين مثل هذا يا أُمّ المؤمنين ؟ قالت : وما رأيتني فعلت ؟ إنّه ليست لنا أكباد كأكباد الإبل ، ثمّ أمرت بفسطاط ، فضرب على القبر ... » (٤) .
وعن ابن أبي مليكة : « أنّه رآها ـ عائشة ـ زارت قبر أخيها عبد الرحمن » (٥) .
أليس فيما ذكرت من الشواهد ما يكفي لإثبات سنّة الجلوس للعزاء ، وعقد مجالس النوح والبكاء ، وإنشاد وسماع واستماع الرثاء ، وزيارة القبور ، والدعاء عندها بالمأثور ؟
وبعد ، هل يحقّ للسنّي السعودي أن يلوم من يحيي ذكرى استشهاد الحسين عليهالسلام ، أو ينتقد مظاهر الحزن التي يمارسها الشيعة معبّرين عن شعورهم بالولاء لصاحب الذكرى ، وإنّما يصرّ الشيعة على إحياء مراسيم العزاء في كلّ عام
______________________
(١) أُسد الغابة ٣ / ٣٠٦ .
(٢) صحيح البخاري ٢ / ٩٨ .
(٣) فتح الباري ٣ / ١٧٧ .
(٤) تاريخ مدينة دمشق ٣٥ / ٤١ .
(٥) فتح الباري ٣ / ١١٨ .