انا فقدناك فقد الأرض وابلها |
|
واختل قومك فاشهدهم ولا تغب (١) |
أخبرنا أبو زيد عمر بن شبة قال : حدثنا ابراهيم بن المنذر ، عن ابن وهب عن ابن لهيعة ، عن أبي الأسود قال ، غضب رجال من المهاجرين في بيعة أبي بكر بغير مشورة ، وغضب علي والزبير ، فدخلا بيت فاطمة عليها السلام معهما السلاح ، فجاء عمر في عصابة ، منهم اسيد بن خصير ، وسلمة بن سلامة بن وقش ، وهما من بني عبد الأشهل ، فصاحت فاطمة عليها السلام وناشدتهم الله ، فأخذوا سيفي علي والزبير ، فضربوا بهما الجدار حتى كسروهما ، ثم أخرجهما عمر يسوقهما حتى بايعا ، ثم قام أبو بكر فخطب الناس واعتذر إليهم وقال : ان بيعتي كانت فلتة وقى الله شرها ، وخشيت الفتنة ، وأيم الله ما حرصت عليها يوما قط ، ولقد قلدت أمرا عظيما مالي به طاقة ولا يدان ، ولوددت أن أقوى الناس عليه مكاني ، وجعل يعتذر إليهم ، فقبل المهاجرون عذره ... وقال علي والزبير : ما غضبنا إلا في المشورة ، وإنا لنرى أبا بكر أحق الناس بها ، انه لصاحب الغار ، وانا لنعرف له سنة ، ولقد أمره رسول الله صلى الله عليه آله ، بالصلاة بالناس وهو حي (٢).
__________________
(١) ابن أبي الحديد ٣ : ٤٩.
طبقات ابن سعد ٨ : ٢٢٨. الغدير ٧ : ٧٩ ، وقد يعزى البيتان مع أبيات اخرى الى الصديقة فاطمة سلام الله عليها ، وتمامها هكذا :
وكل أصل له قربى ومنزلة |
|
عند الأله على الأدنين مقترب |
أبيات رجال لنا نجوى صدورهم |
|
لما مضيت وحالت دونك الترب |
تجهمتنا رجال واستخف بنا |
|
لما فقدت وكل الأرض مغتصب |
وكنت بدرا ونورا يستضاء به |
|
عليك ينزل من ذي العزة الكتب |
وكان جبريل بالآيات يؤنسنا |
|
فقد فقدت وكل الخير محتجب |
فليت قبلك كان الموت صادفنا |
|
لما مضيت وحالت دونك الكتب |
قال الراوي : فما رأينا يوما أكثر باكيا من ذلك اليوم.
(٢) إذا كانت الصلاة بالناس في حياة النبي الأقدس (صلى الله عليه وآله وسلم) دليلا على امامة الرجل ونصا على خلافته ، وتفضيلا له على سائر الصحابة فإن بين الصحابة الكثير من الذين أمرهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالصلاة بالناس مع ما كان عليه الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) من الصحة والاستقامة والحيوية ، وتلزمهم دعوى الامامة والخلافة ، غير انهم لم يحسبوها دليلا وطريقا إليها ومنهم على سبيل المثال :