اجتمعت الأنصار الى سعد بن عبادة ، فأتاهم أبو بكر ، وعمر ، وأبو عبيدة ، فقال الحباب بن المنذر : منا أمير ومنكم أمير ، انا والله ما ننفس هذا الأمر عليكم أيها الرهط ، ولكنا نخاف أن يليه بعدكم من قتلنا أبناءهم ، وآباءهم ، وأخوانهم ، فقال عمر بن الخطاب ، إذا كان ذلك قمت ان استطعت. فتكلم أبو بكر فقال : نحن الامراء وأنتم الوزراء ، والأمر بيننا نصفان كشق الا بلمة (١) فبويع ، وكان أول من بايعه بشير بن سعد ، والد النعمان بن بشير.
فلما اجتمع الناس على أبي بكر ، قسم قسما (٢) بين نساء المهاجرين والأنصار ، فبعث الى امرأة من بني عدي بن النجار ، قسمها مع زيد بن ثابت ، فقالت : ما هذا؟ قال : قسم قسمة أبو بكر للنساء ، قالت : اتراشونني عن ديني ، والله لا أقبل منه شيئا ، فردته عليه (٣).
حدثني يعقوب بن شيبة ، باسناد رفعه الى طلحة بن مصرف (٤) قال : قلت لهذيل بن شرحبيل ان الناس يقولون : إن رسول الله صلى الله عليه وآله أوصى الى علي عليه السلام ، فقال : أبو بكر ، يتأمر على وصى رسول الله صلى الله عليه وآله ، ود أبو بكر انه وجد من رسول الله صلى الله عليه وآله عهدا فخزم أنفه (٥).
وحدثني أحمد بن اسحاق بن صالح ، قال : حدثني عبد الله بن عمر بن
__________________
(١) الابلمة : بضم الهمزة واللام وفتحهما وكسرهما : خوصة المقل. يقول : نحن واياكم في الحكم سواء ، لا فضل لأمير على مأمور ، كالخوصة إذا شقت اثنتين متساويتين.
(٢) القسم : العطاء.
(٣) ابن أبي الحديد ٢ : ٥٢.
(٤) أبو محمد طلحة بن معروف بن عمرو بن كعب بن جحدب بن معاوية بن سعد بن الحارث الهمداني اليامي المتوفى ١١٢ ، كان عثمانيا ، وأما هزيل بن شرحبيل الازدي الكوفي فانه لم يدرك النبي (ص) وذكره ابن سعد في الطبقة الأولى من التابعين. تهذيب التهذيب ٥ : ٢٥. الاصابة ٣ : ٦١٩. الطبقات الكبرى ٢ : ٢٦.
(٥) ابن أبي الحديد ٢ : ٥٣. الطبقات الكبرى ٢ : ٢٦ وفيه عن وكيع بن الجراح ، وشعيب بن الحرب عن مالك بن مغول عن طلحة بن مصرف. ووكيع بن الجراح مجروح جدا وقد قدح فيه أحمد بن حنبل بثلاث جرحات.