قال علي : أفلا نصل جناحك ونقوم معك؟ فقال : بلى ، فقال لابن عباس : قم معه ، قال فشبك أصابعه في أصابعي ، ومعنى حتى إذا خلفنا البقيع ، قال : يا ابن عباس ، أما والله ان كان صاحبك هذا أولى الناس بالأمر بعد وفاة رسول الله إلا أنا خفناه على اثنتين ، قال ابن عباس : فجاء بمنطق لم أجد بدا معه في مسألته عنه ، فقلت : يا أمير المؤمنين : ماهما؟ قال : خشيناه على حداثة سنه ، وحبه بني عبد المطلب (١).
وحدثني أبو زيد قال : حدثنا هارون بن عمر باسناد رفعه الى ابن عباس رحمه الله تعالى قال : تفرق الناس ليلة الجابية (٢) عن عمر فسار كل واحد مع إلفه ، ثم صادفت عمر تلك الليلة في مسيرنا ، فحادثته فشكى الي تخلف علي عنه ، فقلت : ألم يعتذر اليك؟ قال : بلى ، فقلت : هو ما اعتذر به ، قال : يا ابن عباس ، إن أول من ريثكم عن هذا الأمر أبو بكر ، ان قومكم كرهوا أن يجمعوا لكم الخلافة والنبوة ، قلت : لم ذاك يا أمير المؤمنين ألم تنلهم خيرا؟ قال بلى ولكنهم لو فعلوا لكنتم عليهم جحفا (٣).
وأخبرنا أبو زيد ، قال : حدثنا عبد العزيز بن الخطاب قال : حدثنا علي بن هشام مرفوعا الى عاصم بن عمرو بن قتادة ، قال : لقي علي عليه السلام عمر ، فقال له علي عليه السلام : انشدك الله هل استخلفك رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قال : لا ، قال : فكيف تصنع أنت وصاحبك ، قال : أما صاحبي فقد مضى لسبيله ، ما أنا فسأخلعها من عنقي الى عنقك ، فقال : جدع الله أنف من ينقذك منها ، لا ولكن جعلني الله علما ، فإذا قمت فمن خالفني ضل (٤).
وأخبرنا أبو زيد ، عن هارون بن عمر ، عن محمد بن سعيد بن الفضل
__________________
(١) ابن أبي الحديد ٢ : ٥٧.
(٢) الجابية : قرية من أعمال دمشق ، ذكر ياقوت ان عمر خطب فيه خطبته المشهورة. معجم البلدان ٢ : ٩١.
(٣) ابن أبي الحديد ٢ : ٥٧. وجحفا جحفا : أي فخرا فخرا وشرفا شرفا.
(٤) ابن أبي الحديد ٢ : ٥٨.