كان ديدنهم مدى حياتهم.
هنا يكشف التاريخ القناع عن وجه واحد من هؤلاء ، ويعرف بتاج الدين أبي اليمن زيد بن الحسن بن الحسن بن زيد بن الحسن بن سعيد الكندي البغدادي الدمشقي المصري المتوفى ٦١٣ قال ابن خلكان : أوحد عصره في فنون الآداب وعلو السماع ، وشهرته تغني عن الأطناب في وصفه ، سافر عن بغداد في شبابه ، واستوطن حلب مدة ، كان يبتاع الخليق ويسافر به الى بلاد الروم ويعود اليها ، ثم انتقل الى دمشق وصحب الأميرعز الدين فروخ شاه بن شاهان شاه ، وهو ابن أخي السلطان صلاح الدين ، واختص به وتقدم عنده وسافر في صحبته الى الديار المصرية واقتنى من كتب خزائنها كل نفيس وعاد الى دمشق واستوطنها وقصده الناس وأخذوا عنه (١).
والله أعلم كم كان لمدة أمال تاج الدين ... وكم حملوا الى الروم من التراث ... ويمكن القول ان العراق ... وسورية ... كانا أول البلاد التي فقدت ثروتها الفكرية ... لهذا لا تخلو مكتبة كبرى في الغرب من مجموعة كبيرة تتناول البحث عن تاريخ العرب والاسلام وما يتصل بها من آثار وحضارة وأديان ولغات وسياسة وغير ذلك ، كما أولوا البحوث الاسلامية عناية خاصة ، وحرصوا أشد الحرص على اكتناز ما يصدر من المطبوعات في أغلب العواصم العربية والاسلامية ، أما ما ينشره المستشرقون من كتب عربية قديمة في الغرب فإنهم يتسابقون الى إحرازه واختزانه والانتفاع به.
ففي سنة ١٩٤٣م. أحرزت جامعة ـ برنستن ـ مجموعة كبيرة من المخطوطات العربية يقدر عددها بستة آلاف مخطوطة اقتنتها من الاستاذ يهودا البغدادي صفقة واحدة بمبلغ٠٠٠ / ٧٥ ألف دولار ، ويهودا المذكور بغدادي الأصل طاف في بلدان الشرف الأدنى ولا سيما في مصر وجمع منها هذه الآلاف من
__________________
(١) وفيات الأعيان ٢ : ٣٤٠ نسمة السحر ١ : ٢٤٢ ـ خ ـ.