ذاته يعد حصرا لأن الامم السابقة لم تكن تملك السنوات فقط ، بل كانت تملك كل مقومات المجتمع الثقافية ، السياسية ، الاقتصادية ، وإن تم حصرها في التراث فهذا التراث هو نتاج عملية تأريخ للمجتمعات القديمة والتي كانت تخبرنا عن العالم الفلاني في السنة كذا وعن الحاكم الفلاني والحدث كذا فأعطانا كمًّا هائلا توارثته كتب التاريخ ، فأخذ بذلك التراث صبغته التاريخية من ثم نستطيع أن نقول أن التاريخ هو علم تدوين مجموع الأحداث الماضية والحاقاتها الثقافية ، الاقتصادية ، والسياسية ، والتي تكون في مجموعها المادة التاريخية يبقىٰ إذن أن نفصّل معنىٰ اللفظ وهو المقدس.
إن دلالة القدسي تعني ثبوتية الشيء ، فمثلا حينما نقول حديث قدسي فهو ثابت القدسية من حيث هو صادر عن الله تعالىٰ ، والقدسية هي صفة ناتجة عن الهالة التي أحيط بها الشيء المراد تقديسه. فإذا قلنا مثلاً التاريخ القدسي فهو ثابت القدسية ويستحيل زعزعة قدسيته وهذا ما صار مع التاريخ الإسلامي بحيث أحيط بنوع من الهالة والقدسية ومن ثم استحال الامر لولوج هذا الميدان ونقده نقداً منطقياً وبناءاً.
حتىٰ أصبح المؤرخ يستعيض من ذكر أشياء قد تمس في قدسية هذا التاريخ ; وبالضبط في رجالاته ، لما أحيط به من القدسيّة والتعظيم فاقت حد المعقول وتحولت إلىٰ شيء ثابت راسخ في العرف التأريخي ، والذي حتما جعله في ذهنية المسلم راسخاً لا يستطيع مسه او التحدث فيه او ذكره بمجرد كلمة يخيل بها أنا تمس كرامته وقدسيته ، وهذا ما عبر عنه أحد شيوخ المؤرخين المسلمين حيث قال :