يمكن أن يقف في الهواء والبمقولس صنفان أحدهما شديد البياض خفيف جداً والآخر دونه في ذلك وقد يكون البمقولس إذا أخذ إقليميا مسحوق فذر ذراً متواتراً على النحاس في تصفيته وإنما يفعل ذلك بالقليميا لنجود التصفية ويرتفع من ذلك الإقليميا الدخان متكاثفاً وليس يكون البمقولس إذا أخذ قليميا فقط لكن بغير ذلك بأن يعمل من القليميا بلا تصفية نحاس يدعو إلى ذلك وإنما نخبرك بصفة عمله على هذه الجهة الثانية يهيأ أتون في بيت ذي سقفين ويكون في أعلى الأتون خرق وسط في السعة يحاذي كوة في البيت السفلى ويبنى بجنب هذا البيت بيت آخر يكون فيه بيت الصانع وإرقاقه وباقي آلته ويثقب فيه إلا الأتون ثقب دقيق لينفخ فيه ويكون للأتون باب معتدل السعة لإدخال ما ينبغي وإخراجه ويصير في الأتون فحم ويلهب عليه ثم يقف الصانع ومعه قليميا مسحوق ويلقي في البوطقة قليلاً قليلاً ويلقى الفحم إذا احتيج إلى ذلك ولا يزال يفعل كذلك إلى أن ينفذ ما يريد من القليميا فالقليميا يبخر وما كان من بخاره لطيفاً خفيفاً يصعد إلى الغرفة يلتصق بسقفها وحيطانها وفي أول الأمر يشبه النفاخات الحادثة في الماء ، وإذا كثر وأدام البخار المتصاعد صار كأنه كباب الصوف وما كان منه غليظاً ثقيلاً رسب في الأسفل واستقر في الأرض ووقع بعضه على الأتون وبعضه في أسفل البيت الذي فيه الأتون وهذا الضرب من التوتيا يسمى بسودريون وهو دون الصنف الآخر اللطيف لما في هذا من الأرضية والوسخ ، ومن الناس من يظن أن التوتيا إنما يعمل على هذه الجهة فقط وأجود ما يكون من التوتيا ما كان منه من قبرس وما كان من قبرس إذا خلط بالخل فاحت منه رائحة النحاس وكان لونه شبيهاً بلون الهواء وينبغي لممتحن التوتيا أن يتفقد هذه الأشياء التي ذكرناها فإنه قد يغشه قوم بالغراء المتخذ من جلود البقر وقد يغش أيضاً بتراب البحر وبالتين القح محرقاً ويابساً وبأشياء تشبه هذه وتعرف المغشوش من التوتيا هين وذلك لأن المغشوش إذا امتحن بالأشياء التي ذكرناها لم يوجد فيه إلا واحد مما ذكرنا وقد تغسل التوتيا على هذه الصفة يؤخذ التوتيا مسحوقاً منخولاً يابساً أو مخلوطاً بماء فيصر في خرقة لا صفيقة ولا متخلخلة بل تدلى الصرة في ماء المطر في إجانة وتحرك في الماء فما كان من التوتيا رقيقاً لطيفاً خرج في الماء وما كان منه غليظاً قد شابه وسخ أو قماش بقي في الصرة ثم يترك في الماء حتى يستقر وإذا استقر في الماء صب الماء في إناء آخر فما كان بقي أسفله من رمل رمى به ثم يترك الماء حتى يصفو ثم يصفى ويصب أيضاً على التوتيا ماء آخر ويحرك ثم يفعل به كما فعل أولاً إلى أن لا يبقى ثم يأخذه ويمرسه بالماء مرساً جيداً ويصيره في قوام العسل ويصير في خرقة ويعلق بالخرقة في الإناء الذي يريد أن يصفيه فيه ويصفي منه ما أمكن ثم يشد الخرقة شداً مسترخياً لتهون التصفية ثم يصب عليه ماء كثيراً ويركه فما يطفو على الصوفة جمعته بصدفة والشيء الذي يطفو هو زبد وتوعيه في إناء جديد من خزف ثم تحرك الذي يبقى تحريكاً رقيقاً وتفرغه في إناء آخر وما كان في أسفله من رمل ترمى به وتفعل ذلك مراراً كثيرة إلىِ أن لا يبقى فيه من الرمل شيء ومن الناس من يأخذ التوتيا كما هو غير مسحوق فيلقيه قليلاً قليلاً على الماء ويرمي ما كان فيه من رمل راسب في أسفل الإناء وما كان من شعر أو قماش يطفو فيفصل التوتيا من الشيء الذي يطفو لخفته ومن الشيء الذي يرسب فيجمعه ويصيره في صلاية ويغسله كما يغسل القليميا ، وقد