الاستبداد وصح لي القول فيه ووضح عندي عليه الاعتماد.
الغرض الثاني : صحة النقل فيما أذكره عن الأقدمين ، وأحرره عن المتأخرين ، فما صح عندي بالمشاهدة والنظر وثبت لدي بالخبر لا الخبر ادخرته كنزاً سرياً وعددت نفسي عن الاستعانة بغيري فيه سوى الله غنياً ، وما كان مخالفاً في القوى والكيفية ، والمشاهدة الحسية في المنفعة والماهية للصواب والتحقيق أو أن ناقله أو قائله عدلاً فيه عن سواء الطريق ، نبذته ظهرياً وهجرته ملياً ، وقلت لناقله أو قائله لقد جئت شيئاً فرياً ، ولم أحاب في ذلك قديماً لسبقه ، ولا محدثاً أعتمد غيري على صدقه.
الغرض الثالث : ترك التكرار حسب الإمكان ، إلا فيما تمس الحاجة إليه لزيادة معنى وتبيان.
الغرض الرابع : تقريب مأخذه بحسب ترتيبه على حروف المعجم مقفى ليسهل على طالب ما طلب من غير مشقة ولا غناء ولا تعب.
الغرض الخامس : التنبيه على كل دواء وقع فيه وهم أو غلط المتقدم أو متأخر لاعتماد أكثرهم على الصحف والنقل ، واعتمادي على التجربة والمشاهدة حسب ما ذكرت قبل.
الغرض السادس : في أسماء الأدوية بسائر اللغات المتباينة في السمات ، مع أني لم أذكر فيه ترجمة دواء إلا وفيه منفعة مذكورة ، أو تجربة مشهورة.
وذكرت كثيراً منها بما يعرف به في الأماكن التي تنبت فيها الأدوية المسطورة ، كالألفاظ البربرية واللاطينية وهي أعجمية الأندلس إذ كانت مشهورة عندنا ، وجارية في معظم كتبنا ، وقيدت ما يجب تقييده منها بالضبط وبالشكل والنقط تقييداً يؤمن معه من التصحيف ، ويسلم قارئه من التبديل والتحريف إذ كان أكثر الوهم والغلط الداخل على الناظرين في الصحف إنما هو من تصحيفهم لما يقرؤونه أو سهواً لورّاقين فيما يكتبونه.
وسميته : بالجامع لكونه جمع بين الدواء والغذاء ، واحتوى على الغرض المقصود مع الإيجاز والاستقصاء ، وهذا حين أبتدي ، وبالله أستعين وأهتدي فأقول :
حرف الألف
آالسَن : اسم يوناني أوله ألفان ، الأولى منهما مهموزة ممدودة ، والثانية هوائية ولام مضمومة ثم سين مهملة مفتوحة بعدها نون ، وبعضهم يكتبها بواو ساكنة بعد اللام ، وبعضهم يحذفها وهو الدواء المعروف اليوم بالشام بحشيشة اللجاة وحشيشة السلحفاة أيضاً. ديسقوريدوس في الثالثة : هو دواء يستعمل في وقود النار وهو في المجس إلى الخشونة ما هو ذو ساق واحدة وله ورق مستدير وله في أصول الورق ثمر في شكل الترس ذو طبقتين فيه بذر صغير إلى العرض ما هو ذو ساق واحدة ، وينبت في مواضع جبلية وأماكن وعرة ، وإذا شرب طبيخه سكن البرد إذا كان بلا حمى ، وإذا أمسك باليد أو نظر إليه فعل ذلك أيضاً ، وإذا سحق وخلط بالعسل ولطخ على البثور اللبنية والكلف نقاه ، وقد يظن به أنه إذا دق وصير في طعام وأكل منه المعضوض من كلب كلب أبرأه ، وقد يقال أنه إذا علق في بيت حفظ صحة أناس كانوا فيه أو بهائم وإذا شدّ في خرقة حمراء وعلق على بعض المواشي سكن أوجاعها. جالينوس في السادسة : إنما سمي هذا الدواء بهذا الاسم أعني آالوس لأنه ينفع من نهشة الكلب الكلب نفعاً عجيباً وقد يسقى منه أيضاً مراراً كثيرة من قد تمكن منه الكلب واستحكم فيه إذا شربه وحده إلا أن فعله لما يفعله من هذا إنما هو بسبب خاصية جملة جوهره ، وقد قلت قبل أن ما هذا سبيله من القوي إنما يدرك بالتجارب فقط من غير أن يكون في استدراكه شيء من الطرق الصناعية جارية على