يدري أين باتت يده (١) » و لا الوضوء من الدم (٢) و لا غير ذلك من مفردات مدرسة الاجتهاد.
نعم جاءت عنه روايات في المسح على الخفين و التوقيت فيه و غسل الأرجل ، و مسح الأذنين ظاهرهما و باطنهما ، و قد وضّحنا حال الأولين منها ، و أما حديث مسح الأذنين (٣) فهو الآخر باطل النسبة إليه لوجوه.
أولها : إنّ مسح الأذنين يماثل وضوء الربيع بنت المعوذ ، الذي لم يفعله ابن عبّاس نفسه بل اعترض عليه.
ثانيها : عدم اشتهار هذا الأمر عنه.
ثالثها : الإسناد هو عبدالله بن إدريس ، عن محمّد بن عجلان ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء عن ابن عبّاس ، و قد تقدّم كلامنا عنه سابقاً.
و بهذا فقد اتّضح لنا أنّ عبدالله بن عبّاس يتّحد مع علي و أهل بيته في نهجه العام ، و يخالف النهج الفقهي و السياسي الحاكم في مساره العام.
_______________________________
(١) روى أبو هريرة عن النبي صلىاللهعليهوآله أنّه قال : « إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلها في وضوئه فإنّ أحدكم لا يدري أين باتت يده ». صحيح البخاري ١ : ٤٩ ، صحيح مسلم ١ : ١٦٠ ، قال النووي في المجموع ١ : ٣٤٨ ، و شرحه على صحيح مسلم ٣ : ١٧٩ : و قوله « فإنه لا يدري أين باتت يده » سببه ما قاله الشافعي و غيره : أنّ أهل الحجاز كانوا يقتصرون على الاستنجاء بالأحجار ، و بلادهم حارّة ، فإذا نام أحدهم عَرَق ، فلا يأمن النائم أن تطوف يده على المحل النجس ... ». و قال أنّ في هذا الحديث استحباب استعمال لفظ الكنايات فيما يُتحاشى من التصريح به ... فلم يقل : فلعلّ يده وقعت على دُبُره أو ذَكره !!!
(٢) انظر سنن أبي داود ١ : ٥٠.
(٣) سنن الترمذي ١ : ٢٧.