أو ما إذا كان له رأي في شيء ويميل طبعه إليه فيتناول القرآن على وفق رأيه ، حتى لو لم يكُن له ذلكَ الميل لم يخطر ذلك التأويل له ببال ، كمن يدعو إلى مجاهدة القلب القاسي ، ويستدلّ على تصحيح غرضه من القرآن بقوله تعالى ( اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى ) (١) ، تحسيناً للكلام وترغيباً للمستمع ، وهو ممنوعٌ وإنْ كان مقصده صحيحاً.
الثاني : قد قيل : إنّ التّفسير كشف المراد عن اللّفظ المشكل ، والتأويل ردّ أحد المحتملين إلى ما يطابق الظاهر. وَقيل : التفسير كشف المغطّى ، والتأويل انتهاء الشيء ومصيره وما يؤول إليه أمره.
فالمعنى : مَنْ فسّر وجزم وقطع بأنّ المراد منَ اللّفظ المشكل كالمجمل وَالمتشابه كذا ، بحمل مشترك المعاني على أحدها من غير سمع كخبر منصوص أو آية أُخرى كذلك ، بل بمجرّد ميله واستحسانه من غير شاهدٍ شرعي ، فقد أخطأ.
فتبيّن ممّا مرّ أنّ قسماً منَ القرآن يعرف المرادَ منهُ سائر النّاس ، وقسماً يعلم بالتعلّم ، وهما اللذان يرجع إليهما عندَ التعارض وإن لم يرد في الأوّل تفسير منهم ، كما في خبر الميثمي (٢).
وأنّ البيّن كآيات الوعد وَالوعيد وَالزجر والتهديد وما شابهها من الآيات الظاهرة لا تتوقّف على الأثر من الآيات الباهرة ، وأنّ المجمل منه كالآيات الدالّة على إقامة الصلوات وإيتاء الزكوات لا بدّ فيه من تفسيرهم لإعداد الركعات في الصلوات ، ومقادير النصاب في الزكاة.
وأنّ المحتمل لأمرين أو أُمور ، فإنْ لم يكن الجميع مراداً ، بل دلّ الدليل على أنّ المراد واحد لا غير ، يحمل على الوجه الموافق للدليل. وإنْ احتمل إرادة منها فلا يجوز القطعُ بإرادة معنىً إلّا بقول المعصوم عليهالسلام ، ولا يؤخذ بقول أحد إلّا إذا أجمع عليه فيؤخذ به ؛ لمكان الإجماع لكشفه عن قول المعصوم عليهالسلام.
__________________
(١) طه : ٢٤.
(٢) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ٢١.